-1-
جُبل الانسان على حُبّ الحياة ولذائذها ومُتَعِها، والدنيا غراّره مكّارة – كما هو معلوم – ولكنْ كم هُمْ اولئك الذين حصلوا منها على ما يريدون ؟
انّ الذين يجهدون انفسهم ويتعِبونها في مشاويرهم الدنيوية المحضة البعيدة كل البعد عن أشواق الآخرة وطيوف الجنّة لا يجنون منها كلّ ما يشتهون فكيف بغيرهم ممن لم يجعل خياره الوحيد خياراً دنيويا ؟
-2-
ومع لفح الهجير ، وهبوب الأعاصير ، وتوالي التحديات والأزمات قد يسأم الانسان حياته .
-3-
وسنقف وقفه سريعة على ما قاله بعض الشعراء في هذا المضمار
قال ابن صابر القيسي :
لولا ثلاثٌ هُنَّ واللهِ مِنْ
أكبر آماليَ في الدُنيا
حجٌ لبيتِ اللهِ أرجو بِهِ
أنْ يقبل النيّةَ والسعيا
والعلم تحصيلاً ونَشْراً اذا
رويتُ أَوْسعتُ الورى رأيا
ما كنتُ أخشى الموت أنّى أَتَى
بلْ لم أكنْ أَلْتَذْ بالمحيا
ان للشاعر ثلاث أمنيات :
الاولى : حج البيت .
الثانية : تحصيل العلم .
الثالثة : نَشْرُه بين الناس .
ولولا هذه الأمنيات لطابت نفسه بالرحيل .
أقول :
ان العلم هو الحياة .
وصدق مَنْ قال :
لا تُعْجِبَنَ الجهوَلَ حُلتُهُ
فذاكَ مَيْتٌ وَثَوْبُه كَفَنُ
وقال شاعر آخر :
لولا ثلاثٌ هُنَّ أقصى المُرادْ
ما أخترتُ أنْ أبقى بِدَارِ النفادْ
تهذيبُ نفسي بالعلوم التي
بها لقد نلتُ جميعَ المُرادْ
وطاعةٌ أرجو باخلاصها
نوراً به تُشرقُ أرضُ الفؤادْ
كذلك عرفانُ الالهِ الذي
لِأَجْلِهِ كانَ وجودُ العِبادْ
فاسألُ الرحمنَ بالمصطفى
وآلِهِ التوفيقَ فهو الجوادْ
والامنيات عند الشاعر ثلاث ايضا
اولها :
تهذيب النفس بالعلوم .
ثانيها :
الطاعة المخلصة لرب العباد فهي النور المضيء للقلب .
ثالثها :
معرفة الله سبحانه حق معرفته .
وهو يتضرع الى الله متوسلا بالنبي وآله الأطهار – صلوات الله عليهم – ان يمنحه التوفيق لادراك ما تمنّى ..
انّ العلم هو الذي يقوده الى معرفة الله وطاعته ، وهو الذي يجعله يتذوق طعم الحياة .
ورحم الله السيد الوالد العلاّمة السيد محمد هادي الصدر الذي قال :
لئن نقّط الناسُ أولادَهُمْ
وأفلاذَ أكبادِهِمْ بالذَهَبْ
فبالعلمِ – وهو منارُ الحياة –
نُنِقَطُهُمْ وضروب الأدبْ
ان ميراثنا من آباءنا وأجدادنا لم يكن المال … وانما كان العلم والادب وكفى بهما ميراثا ثمينا …
حسين الصدر