حين نتصالح مع انفسنا لا يحتاج انهاء الخلاف مع الآخرين وقتا

أحلام يوسف

مع ان الله سبحانه في علاه أكد عليها والعباد يكررونها دائما، لكن قلة منا من يحرص على انهاء أي خلاف بينه وبين أي أحد مهما تكن صلة قرابته به او طبيعة علاقته به لأنه يجد في ذلك رفعة وسمو.

هناك من ينتظر مناسبة معينة كي ينهي خلافا له مع آخر كأن يكون العيد او ليلة رأس السنة او رمضان، في حين لا يحتاج آخرون وقتا.

 يقول عبد القادر سعد: اعلم ان الخلاف بين الأطفال لا يدوم أكثر من ساعة، فعلينا نحن الكبار ان نتعلم منهم، فأي خلاف لا يستحق القطيعة خاصة بيننا وبين احد اقاربنا او معارفنا، لكني للأسف أحيانا احتار بالطريقة التي ابدأ بها الصلح، ما يدفعني ان انتظر مناسبة معينة كي تكون هي السبيل لإنهاء الخلاف.

عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول اللَّه “ص” قال: “لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال: يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”. فان تأجيل الصلح يؤخر مغفرة الذنوب. اليس هذا كافيا ليكون خيار الصلح اول ما نفكر به عند حدوث خلاف مع أحد؟

يقول الأستاذ الجامعي حسن الجبوري، باحث بعلم الاجتماع: المصالحة مع الاخر تبدأ من التصالح مع النفس، فمن رضي عن نفسه سيكون مسترخيا بتعامله مع الآخر، لذلك فمن النادر ان ينشب خلاف بينه وبين آخرين، لأنه بالضرورة يكون متفهما للظرف الذي يمر به والبيئة التي نشأ وسطها الطرف الآخر، والتصالح مع النفس يأتي من نقاط عدة أولها الايمان باننا جميعا بشر لدينا ميزات وعيوب، فان كان بنا عيب، لا يعني اننا اشرار، بل ان علينا البحث عن سبل كفيلة بإصلاح هذا العيب، والتعامل مع الاخرين بالمبدأ نفسه، فكلنا بشر والبشر خطّاء ولا توجد بيننا ملائكة.

ويضيف: هناك امر مهم، يتمثل بضرورة تذليل المشكلة، فان حدث خطأ يجب ان نتعامل بهدوء وروية، ولا نرسم للخطأ صورة نحوله بها الى خطيئة سواء ما نرتكبه نحن ام يرتكبه الآخر.

يقول رسول الله صل الله عليه وسلم: “تفتحُ أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا”، فكيف ببعض الاخوة الذين قطعوا صلات ارحامهم بسبب خلاف لا يرتقي الى ان يكون سببا لقطعها، وثمة بعض الأبناء يقاطعون اباءهم، او امهاتهم بسبب حدوث خلاف فيما بينهم كان يمكن ان يُحل بمجرد ان نبتعد عن الحدّية او التزمت بالرأي.

رمضان مثله مثل أي شهر، لكنه اكتسب سمة خاصة، ان الصلح واجب فيه، وفرصة لمن يكابر كي يبدأ المبادرة ويكون صاحب الفضل والحق، فلا يوجد خلاف يستحق ان يدوم أكثر من ليلة، علينا ان نتعلم ونروض أنفسنا ان الفجر يعلن بداية يوم جديد، تصاحبه أفكار جديدة، وروح جديدة مقبلة على الحياة، وتنتظر من الله ان يبارك به، والمباركة لا تكون الا بنفس متصالحة وراضية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة