مسؤول اممي: لا يمكن ان يكون ضرب كل المستشفيات ليس مقصودا!
متابعة ـ الصباح الجديد :
هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان امس الأربعاء بشن هجوم عسكري في ادلب بشمال غرب سوريا حيث جرت مواجهات في الأسابيع الماضية بين قوات انقرة وقوات النظام السوري، بعد ان كان قال مسؤلون في الأمم المتحدة قبل ساعات من هذا التهديد، أي في ليل الثلاثاء الماضي، إن حجم الأزمة الإنسانية في مناطق ادلب ومحيطها، أصبح يفوق طاقة وكالات الإغاثة مع فرار ما يقرب من مليون مدني
وطالب اردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة، مرة جديدة النظام السوري بالانسحاب من بعض المواقع في ادلب بحلول نهاية الشهر الحالي قائلا «هذا آخر تحذيراتنا. بات شن عملية في ادلب وشيكاً».
وتأتي هذه التهديدات في وقت فشلت المحادثات بين أنقرة وموسكو، الداعمة للنظام السوري، في تخفيف حدة التوتر في منطقة إدلب.
وقال إردوغان «مع الأسف، لا المحادثات التي جرت بين بلادنا وروسيا ولا المفاوضات التي جرت على الأرض سمحت لنا بالتوصل للنتيجة التي نريدها».
وأضاف «نحن بعيدون جدا عن النقطة التي نريد الوصول إليها، هذه حقيقة. لكن المحادثات (مع الروس) ستتواصل».
وبدأت قوات النظام بدعم روسي في كانون الأول هجوماً واسعاً في مناطق في إدلب وجوارها تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً. وتركزت العمليات بداية على ريف إدلب الجنوبي ثم على ريف حلب الغربي المجاور.
وعززت تركيا مواقعها العسكرية في ادلب في الأسابيع الاخيرة، واشتبكت مع القوات السورية.
ودفع التصعيد منذ ذلك الحين بنحو 900 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، للفرار، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق هذا الأسبوع. وتُعد موجة النزوح هذه الأكبر منذ بدء النزاع في أذار العام 2011.
ووجهت أنقرة إنذارات عدة لدمشق، وهددت بضرب قواتها «في كل مكان» في حال كررت اعتداءاتها على القوات التركية المنتشرة في إدلب.
وقال إردوغان الأربعاء «قمنا بكل الاستعدادات كي نتمكن من تنفيذ خططنا. … نحن عازمون على جعل إدلب منطقة آمنة لتركيا ولكل المواطنين المحليين مهما كلف الثمن».
وفي السياق، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن الجيش الأمريكي، أرسل منذ مطلع العام إلى شمال شرق سوريا، 13 قافلة عسكرية من العراق، شملت أكثر من 300 شاحنة محملة بالأسلحة.
وقال رئيس مركز المصالحة اللواء البحري أوليغ جورافلوف امس الاول الثلاثاء، إن هذه المعدات الحربية والأسلحة، تستخدم ايضا ضد العسكريين الأتراك والسكان المدنيين.
وأضاف: «تنفذ قيادة القوات الأمريكية في المنطقة، عملية إشباع مكثفة لمنطقة شرقي الفرات بالأسلحة والذخيرة. وفقط منذ بداية عام 2020، وصلت 13 قافلة عسكرية من العراق إلى سوريا، شملت أكثر من 80 عربة مدرعة، وأكثر من 300 شاحنة بمختلف الأسلحة والذخيرة والأعتدة الحربية».
وأكد أن «هذا السلاح الأمريكي، يستخدم خلال المواجهات والاشتباكات بين الجماعات المسلحة الكثيرة العدد شرقي الفرات، وضد وحدات الجيش التركي في شمال سوريا، وضد المدنيين».
وتجدر الإشارة بهذا الصدد ان قيادة العمليات المشتركة العراقية، نفت مغادرة هذه الشاحنات، العراق ودخولها سوريا.
الأمم المتحدة بدورها قالت امس الاول الثلاثاء إن ضربات جوية تنفذها الحكومة السورية تصيب مستشفيات ومخيمات للنازحين في شمال غرب البلاد وإن 300 مدني قتلوا مع تقدم القوات في الهجوم على آخر معقل للمعارضة المسلحة.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن حجم الأزمة الإنسانية أصبح يفوق طاقة وكالات الإغاثة مع فرار ما يقرب من مليون مدني، أغلبهم نساء وأطفال، هربا من الهجوم صوب الحدود التركية في ظل أحوال جوية شتوية بالغة القسوة.
وقالت ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيان «المدنيون الفارون من القتال يتكدسون في مناطق بلا مأوى آمن وتتقلص مساحتها ساعة تلو الأخرى. وبرغم كل ذلك لا يزالون يتعرضون للقصف. ببساطة ليس لديهم مكان يذهبون إليه».
وقال شهود إن الطائرات السورية والروسية واصلت غاراتها على بلدة دارة عزة في محافظة حلب يوم الثلاثاء غداة تعرض مستشفيين لأضرار جسيمة هناك.
وقال شهود في مستشفى الكنانة إن الجدران انهارت من الانفجارات فيما تناثرت المعدات والإمدادات الطبية التي غطاها التراب في أنحاء المنشأة التي أصيب اثنان من العاملين فيها يوم الاثنين.
وقالت أنقرة إن محادثاتها مع موسكو حول إدلب «ليست مرضية» وإنها سترسل المزيد من القوات إلى المنطقة.
والتقى مسؤولون أتراك وروس امس الاول الثلاثاء في ثاني أيام محادثات في موسكو دون التوصل إلي اتفاق على ما يبدو بشأن إدلب حيث أدى أحدث تقدم للقوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا إلى مقتل عدد من الجنود الأتراك.
وقالت روسيا إن الجانبين أكدا من جديد التزامهما بالاتفاقات الحالية التي تهدف إلى الحد من التوتر في إدلب. ولم يذكر بيان صادر طلب تركيا انسحاب القوات الحكومية.
وتقول تركيا إنها لا يمكنها تحمل تبعات تدفق جديد للاجئين من شأنه أن يزيد عدد اللاجئين السوريين الذين تقطعت بهم السبل داخل حدودها ويبلغ عددهم حاليا 3.6 مليون شخص.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد يوم الاثنين على التلفزيون الرسمي إن الانتصارات السريعة التي حققتها قواته في الآونة الأخيرة خلال عمليتها العسكرية المدعومة من روسيا تمثل ”مقدمة للهزيمة الكاملة“ لحملة المعارضة المسلحة الرامية للإطاحة به. والحرب السورية دائرة منذ تسع سنوات. ولكن الأسد حذر أيضا من أن الحرب لم تنته بعد وقد تستغرق وقتا. وتتضمن المعارضة مسلحين تدعمهم تركيا ومتشددين إسلاميين.
- جرائم حرب محتملة
ردا على سؤال عما إذا كانت سوريا وحليفتها روسيا تتعمدان استهداف المدنيين والمباني الواجب حمايتها، قال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ”هذا الكم الهائل من الهجمات على المستشفيات والمنشآت الطبية والمدارس يشير إلى أنه لا يمكن أن تكون كلها غير مقصودة“.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه سجّل مقتل 299 مدنيا منذ أول يناير كانون الثاني وإن حوالي 93 في المئة من القتلى لقوا حتفهم على أيدي الحكومة السورية وحلفائها.
وأسفر التقدم السريع للقوات الحكومية المدعومة بضربات جوية روسية في شمال شرق البلاد عن أكبر نزوح منذ نشوب الحرب حيث يفر الناس باتجاه جيب من الأراضي آخذ في الانكماش قرب الحدود التركية وتوجد به آخر معاقل مسلحي المعارضة.
وقال ديفيد سوانسون المتحدث باسم الأمم المتحدة إن ما يقرب من 900 ألف شخص فروا من مناطق الصراع في محافظة إدلب وغرب حلب منذ ديسمبر كانون الأول ويمثل النساء والأطفال أكثر من 80 بالمئة منهم.
ويعجز الكثيرون عن العثور على مأوى ويضطرون للنوم في العراء في ظل درجات حرارة منخفضة بشدة وحرق البلاستيك للتدفئة مما يجعلهم معرضين للإصابة بالأمراض والموت.
وقال سوانسون ”لم يعد يعمل الآن سوى نصف المنشآت الصحية في الشمال الغربي“.
وقالت شبكة حراس، وهي شريك لهيئة إنقاذ الطفولة في إدلب، إن سبعة أطفال، بينهم رضيع يبلغ من العمر سبعة أشهر، توفوا بسبب درجات الحرارة المنخفضة بشدة والأوضاع المزرية في مخيمات النازحين.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن هناك حوالي 525 ألف طفل نازح بين المحاصرين.