حكاية رصافة بغداد

طارق حرب:
لقد بنيت بغداد واكتمل بناؤها باسم» بغداد المدينة المدورة « ، وانتقلت اليها الدواوين الحكومية وبنيت الاسواق والاسوار والقصور في جانب الكرخ بحيث اكتملت بغداد واكتمل سكنها من الناس عام ١٤٩ هجرية ،و اصبحت بغداد في الجزء الغربي او ما يسمى بالكرخ عاصمة للدولة الاسلامية ولم يكن هنالك أي بناء في الجهة الشرقية او الرصافة أي بناء يتبع مدينة بغداد وبمعنى آخر ان نهر دجلة كان يشكل الحدود الشرقية لبغداد المدورة ولكن بعد ذلك عزم الخليفة المنصور على انشاء محلة كبيرة في الجانب الشرقي من النهر ومن مدينته المدورة.
لقد بدأت العمارة في جانب الرصافة عام ١٥٧ هجرية اي بعد سنوات من اكمال مدينة بغداد المدورة بالكرخ وانتهى بناء الجانب الشرقي عام ١٥٧ هجري، ذلك ان الخليفة كان يرى ان هنالك ضرورة لجعل مقر ولي العهد المهدي وجيشه الخرساني منفصلًا عن مقر الخلافة في غرب النهر ليكون مستعدًا لقمع اي نزاع قد يحصل بين هذا الجيش الخرساني وبين جيش المنصور العربي وكانت المحلة الجديدة في الجانب الشرقي تسمى اول الامر باسم محلة عسكر المهدي ثم سميت محلة الرصافة وهذا الاسم يطلق على الاماكن التي توجد فيها طرق مرتفعة واول بناء شيد هو جامع الرصافة الكبير وقصر المهدي بجانب الجامع وبعد ذلك بدأ البناء في الرصافة حيث تم بناء سور حول معسكر الرصافة وخندق حوله وعقد المنصور جسرا فوق دجلة من جهة باب خرسان يسمى الجسر الكبير او جسر الرصافة ليصلها بالجانب الغربي الذي تشغله بغداد المدورة .
وكانت بغداد في آواخر القرن الثالث الهجري تشبه حلقة يحيط بها سور من كل اطرافها واخذ العمران يمتد بالجانب الشرقي جنوب السور على ضفة دجلة حيث أُقيمت القصور والبساتين ، واهمها قصر التاج الذي بناه الخليفة المعتضد ودار الشجرة ودار المثمنة التي جلس فيها بعد ذلك هولاكو بعد استيلاء قواته عام ٦٥٦ هجرية والدار المربعة ودار الوزارة والدواوين وصارت تعرف هذه الدور وملحقاتها باسم دار الخلافة العباسية في بغداد لاتخاذها الخلفاء مقرًا لحكمهم بعد عودة مقر الخلافة الى بغداد من سامراء وكان يسورها سور على هيئة نصف دائرة وكان للسور تسعة ابواب رئيسة اشهرها باب الغربة وباب الخاصة، وباب النوبي، وباب العامة ، وباب المراتب.
وقد أصبح سوق «الثلاثاء» أعظم سوق في الجانب الشرقي وتم انشاء المحال والدروب وانشئت المدرسة النظامية في القرن الخامس الهجري والمدرسة المستنصرية في الثلث الاول من القرن السابع الهجري وفي مستهل خلافة المستظهر عام ٤٨٨ هجرية تم الشروع ببناء سور عظيم وخندق بدايتهما من دجلة شماًلا وينتهيان الى الباب الشرقي الحالي جنوبا وأكمل بناؤه المسترشد عام ٥١٧ هجرية.
وقد بقي هذا السور بحدود ثمانمائة عام وجعل لهذا السور اربعة ابواب هي باب السلطان اي السلطان طغرل بگ لانه دخل منه الى بغداد وعرف فيما بعد بباب المعظم ،والباب الثاني باب الظفرية في محل قريب من جامع السهروردي اي في محلة الشيخ عمر السهروردي ،والباب الثالث الباب الوسطاني او باب الحلبة او باب الطلسم لوجود في اعلى الباب تمثال رجل متربع وعلى يمينه ويساره تمثال افعى عظيمة تحفظ بغداد من الاعداء كما كانوا يتوقعون وهو الباب الذي نسفه الاتراك بعد انسحابهم من بغداد سنة ١٩١٧، بعد دخول الإنجليز الى بغداد ، اما الباب الرابع فهو باب كلواذي او الباب الشرقي الذي تم هدمه من امانة العاصمة بغداد سنةّ ١٩٣٧، مع الابنية القديمة التي تم هدمها في ذلك التاريخ واصبح محلة ساحة التحرير قبالة جسر الملكة عالية او جسر الجمهورية .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة