هوامش على المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية

إياد السامرائي
الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي
بناءً على الدعوة الموجهة لي ، سافرت إلى طهران لحضور المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة الفلسطینیة ، وكان رفيقي في السفر الدكتور محمود المشهداني وهو رفيق محبب لما يضفي على الرفقة من أجواء مريحة ، ولما يتمتع به من صراحة لا تغضب الآخرين ، وهي خصلة يتمتع بها ربما من دون غيره من السياسيين .
استجبت للدعوة بعد اعتذارات حالت ظروفي دون الاستجابة لها سابقاً ، واجد من المفيد تسجيل جملة ملاحظات على ما شهدته خلال حضوري المؤتمر :
أولاً : إن مثل هذه اللقاءات أصبحت نادرة ، وقلما يتذكر العرب عقدها دعماً للقضية الفلسطينية .
ثانياً : انه وعلى الرغم من أهمية ما يطرح خلال هذه المؤتمرات من أفكار ، إلا إننا أصبحنا نادرا ما نرى تفعيلا عمليا لها ، ونرجو أن يكون هذا المؤتمر أفضل من غيره.
ثالثا : أصبح واضحاً إن الخلاف الفلسطيني ــ الفلسطيني ، اضر بالقضية الفلسطينية ميدانياً وكذلك في درجة الدعم لها .
رابعاً : بدا واضحاً إن العالم اليوم أكثر فهماً للقضية الفلسطينية وللحق العربي فيها أكثر من أي وقت مضى ولكن استثمار ذلك ضعيف .
خامساً : كما بدا جلياً إن العالم العربي تراجع اهتمامه بقضية فلسطين عما كان عليه الأمر على مستوى الشعوب والحكام ، لأنه انشغل بصراعات دموية على ساحة واسعة محيطة بفلسطين بحيث أصبحت هذه الصراعات وهذه الهموم مقدمة على غيرها ، فمصر رضيت بالسلام مع الكيان الصهيوني وانشغلت بمشكلاتها التي تزداد مع الأيام ، وسوريا انشغلت بقتالها الداخلي الدامي الذي يوشك أن يطيح بها كدولة ، واليمن في وضع انهيار تام لبناها التحية ولشعبها الذي يفتك به الجوع والمرض ، وتقاتل السعودية وأخواتها في دول الخليج على الساحة اليمنية لأنها تجد إن هذه الساحة مصيرية لوجودها.
والعراق … آآآهٍ على العراق الذي كان واحداً من اشد الداعمين لقضية فلسطين نجده اليوم بعيداً جدا عنها ، وهذا ينقلني للملاحظة التالية .
سادساً : وجدت غياباً شبه كامل للعراق عن هذا المؤتمر فسفيرنا كان في إجازة ولكنه قطعها وعاد سريعا ليكون مساء يوم الافتتاح مع الوفود وحل محله القائم بالأعمال ، وفي الجلسة الأولى لم أجد أحداً من سياسيي العراق غيرنا وكان الأمر مدعاة للاستغراب !
والأشد غرابة أني لم أجد لعلماء الدين ــ شيعتهم وسنتهم ــ وجوداً في المؤتمر ، مما أثار لدي عدة أسئلة : هل هناك تعمد بعدم دعوتهم أم إنهم دعوا ولم يستجب منهم احد فلماذا ؟ .
وهل يراد أن يعزل العراق عزلا كاملا عن فلسطين بحيث يسارع سياسيوه إلى البحرين ويغيبون عن ساحة فلسطين حتى لو كانت في طهران ؟!
أسئلة لم أجد لها جوابًا ولم يسعفني مضيفي في إجابتها إذ قابل تساؤلاتي بابتسامة مؤدبة .
إلا أن الصورة تغيرت بحضور رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري في جلسة اليوم الثاني و عوض بحضوره وكلمته المتميزة الغياب الغريب لجميع القيادات السياسية العراقية .
أليس من الغريب أنه عندما يراد تشكيل الحكومة العراقية يصبح الطريق إلى طهران طريق درب الغزل ــ كما يقول المثل العراقي الشعبي ــ وعندما يراد نصرة القضية الفلسطينية فطريقها مقفر ليس فيه طارق !!
سابعاً : سجلت للإعلام ثلاث ملاحظات :
1. إن دعم القضية الفلسطينية يقتضي وحدة الموقف الفلسطيني وعلى القيادات الفلسطينية التوفيق بين مسار التسوية ومسار المقاومة هذا إذا أرادوا دعم العالم لهم .
2. إن انشغال العرب والمسلمين بحروبهم الداخلية وحروبهم مع بعضهم إنما هو بمنزلة إطلاق رصاصة الرحمة على قضية فلسطين .
3. إن كل الدعم لقضية فلسطين ولشعبها مطلوب فلا نجعل الخلاف سبباً لحجب الدعم ، ولا نورط الفلسطينيين في نزاعاتنا ، فان كان البعض يدعمها عسكرياً فذلك جيد ، وان دعمها آخرون إنسانياً ولوجستيا فذلك أمر يشكرون عليه فكلا الدعمين مطلوبان ويكمل بعضهما بعضا ولا مجال للمفاضلة إذ لا يمكن النجاح من دونهما .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة