عندما نتحدث عن الانتخابات، فأننا نعني من حيث الاهمية، اكبر واخطر قضية تواجه البلدان، ذلك ان تلك الممارسة بمنهجها الديمقراطي ينبني على نتائجها مستقبل العراق ، وتتحدد بموجبها مديات النجاح او الفشل في ادارة وتنمية مهام الحكومة والدولة ، وهذا يعني ان موضوعة الانتخابات هي لا كما يتصورها البعض مجرد صناديق واصوات ونتائج ، انما كل مفردة منهما لها دلالات ومعاني وكل واحدة تكمل الاخرى حتى يتحقق النجاح المطلوب .
وهنا يبرز دور الناخب بوصفه الاهم في تحقيق الهدف المنشود من الانتخابات ، وبعبارة ادق فأن صوته هو من يحدد مستقبل ومصير البلد ، فأذا افترضنا ان الدورات السابقة قد اهتزت خلالها الكثير من الاصوات وتعرضت للابتزاز والبيع والشراء والضغوط بل وحتى التهديد مما ادى الى اختيار مرشحين لم يكونوا بالمستوى المطلوب والكفاءة المميزة الامر الذي ادى الى تأسيس برلمانات ضعيفة انعكست سلبا على ادائه ومنجزاته ، لذلك فعندما نتحدث اليوم عن اهمية دور الناخب في اختيار المرشح انما نريد ان نروج لمعنى وقيمة واهمية التوعية الانتخابية في حدود الواجب الوطني والعمق الضميري والانتماء العراقي ، من اجل تجنب كل الخروقات التي قد ترافق عملية التصويت .
ان صوت الناخب هو بمنزلة صوت العراق ، وهو صوت الضمير والوفاء ، وهو الصوت الذي من خلاله يمكن أن يؤسس لمشروع برلمان قوي وحكومة منتجة ومتفاعلة ، اذا ما احسن الاختيار بعد التأكد والتحقق من كفاءة المرشح ، ولابد من الاشارة هنا الى ان المشاركة الواسعة لشتى شرائح المجتمع ستقلل بالتأكيد من فرص حصول الاختراقات او ضعف الاختيارات ، وبعكس ذلك فأن العزوف عن المشاركة يزيد من فرص التلاعب بالاصوات واحتمالات التزوير وسرقة البطاقات ، وبذلك تضيع فرص النجاح وتتكرر حالات الاخفاق .
وعلى الناخب ان يدرك حقيقية مفاداها ، ان سوء الاختيار ، او الخضوع للضغوط والتأثيرات ، او شراء صوته ، سيلحق به ضررا كبيرا على مدى سنوات مابعد الانتخابات ، لأنه سيكون المساهم الاول والاهم في تأسيس برلمان ضعيف وحكومة ضعيفة هي الاخرى ، الامر الذي ينعكس سلباً على مستوى اداء الحكومة والبرلمان ، وبذلك تضيع وتتبعثر الجهود وتبقى الطموحات والتمنيات معلقة تبحث عن الحلول من دون جدوى .
الناخب اليوم امام تحدٍ كبير ، فهو في واقع الحال لابد ان يتحدى نفسه اولا من اجل اختبار نواياه ومسؤوليته الوطنية تجاه بلده ، ومن جانب اخر لابد ان يعيد النظر في حساباته وتوجهاته واختيارته قبل فوات الآوان ، لأن المرحلة المقبلة وبعد القضاء على عصابات داعش هي مرحلة تتطلب مشاركة الشعب في مسؤوليات وواجبات الدولة كل من موقعه وفي حدود الامكانات المتاحة وان يسهم ايضا في تقويض الفرص امام ضعاف النفوس الذين يحاولوا ان يعبثوا بمقدرات العراق وتوجهاته المستقبلية .
* نائبة في البرلمان
شروق العبايجي