بعيداً عن السياسة

لست سياسية، وأتفادى دائماً الخوض في نقاش سياسي.
أدرك مقدما عقمه وعدم جدواه، لكنني أتابع أخبار السياسة والسياسيين بدافع حب الاطلاع، أو الفضول الذي أعده من أهم الغرائز الإنسانية.
وكثيراً ما يلفت نظري دونالد ترامب وحال أميركا تحت رئاسته، فأنا واحدة من بين ملايين الناس الذين فوجئوا بوصوله إلى البيت الأبيض برغم أنه لم يشغل منصباً تنفيذياً أو تشريعياً من قبل.
لقد وعد ترامب، في أثناء حملته الانتخابية، أن يجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، لكن الغالبية العظمى من دول العالم تعتقد أنه يفعل العكس، فهي تفقد مكانتها بين أفضل الدول في ترتيب هذا العام، اذ تراجعت إلى الرقم 8 بعدما كانت تحتل الرتبة 7 عام 2017، على وفق استطلاع عالمي أجرته مؤسسات متخصصة بالاستراتيجية التسويقية بالتعاون مع جامعة بنسلفانيا، وشمل أكثر من 21 ألف شخص من أربع قارات.
مازالت سويسرا تحتفظ بمكانتها كجزيرة ازدهار واستقرار في عالم مضطرب، وأفضل بلد في العالم، تليها كندا، ثم المانيا، في حين جاءت اليابان بالترتيب الخامس، وهو أعلى مستوى لدولة في آسيا، القارة التي يعتقد الخبراء على نحو متزايد أن لديها الكثير من المفاتيح لمستقبل العالم.
المفارقة، أن أميركا جاءت بعد كل من السويد وأستراليا اللتين تقدمتا إلى الرتبتين السادسة والسابعة.
الأسباب التي أدت إلى تراجع أميركا – وهي السنة الثانية على التوالي – تعود لتصورات العالم بأنها أصبحت أقل تقدماً، وأقل جدارة بالثقة، وكذلك أقل استقراراً سياسياً بعد عام واحد فقط دخول رئيس لا يحظى بشعبية كبيرة إلى البيت الأبيض.
تبقى الولايات المتحدة أقوى دولة عسكرياً، وهذه حقيقة لا جدال حولها. ومع ذلك، تعكس النتائج، من نواحٍ عديدة، على تراجع مكانتها في العالم تحت “تأثير ترامب” الملحوظ، فبعد أيام قليلة من توليه منصبه، قرر الانسحاب من الاتفاقية التجارية عبر المحيط الهادئ، ومن منظمة اليونسكو، ومن اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، عدا دخوله في حرب كلامية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وسلسلة زلات لسانه الكبيرة حول العديد من الدول حتى أنه لم يتورع عن وصف بعضها بـ “القمامة”.
ليس من المفاجئ بعد كل هذا أن تعتقد دول كثيرة أن الرئيس الأميركي لا يتمتع بالكفاءة، وأن الولايات المتحدة قد تخلت عن دورها القيادي في العالم، خصوصاً الدول الأوروبية التي تشهد انقساماً واضحاً في مواقفها تجاه الشريك الاستراتيجي، بعدما أدار ظهره لكل من حلف “الناتو” والاتحاد الأوروبي.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة