احلام يوسف
منذ اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا وسيطرت عليها من كل زواياها، وصار التعلق بالهاتف الذي يحوي كل جديد منها اكثر من التعلق بالحياة الاسرية، صار الوقت مقسما ما بينها وبين النوم ، ويتخلل هذا الوقت وجبات اكل، واحيانا حتى هذه الوجبات تختصر بوجبة واحدة، لاننا لم ننم الى الظهر او العصر بعد سهرة مع هذه المواقع استمرت الى الفجر.
متى نعرف اننا مدمنون على هذه المواقع؟ وكيف يمكن ان نتخلص من الادمان ونتعامل معها باتزان؟
يوضح لنا الطبيب النفسي هشام النقاش سلوكيّات المُدمنين التي تتمثل بصعوبة التحكم بالنفس، والاحساس بالفقدان والقلق والرغبة بالعودة سريعا الى ما ادمن عليه. المدمن على مواقع التواصل، لا يتوقف عن التصفح والبحث عن الجديد من المنشورات، والاغلب انشأوا حسابات في كل موقع جديد يسمعون عنه، لانه لا يريد ان يفوت شيئا في اي منها، وهذا يسمى الفومو FOMO: مختصر لـ ( Fear Of Missing Out)، ما يجعله يجد صعوبة في تركها لان الجديد لا يتوقف عنها. السبب الاخر الذي يجعل الشخص مدمنا عليها، صفة الأنا الموجودة داخل كل فرد منا بنسب متفاوتة والتي تجعله يرغب بعرض نفسه، حيث وجد أنَّ 80% من المحادثات عبر الإنترنت تكون مليئة بمعلومات تفصح عن الذّات. وقد أظهرت دراسة من جامعة هارفارد أن الحديث عن النفس عبر الإنترنت يحرّك منطقة في الدماغ هي نفسها التي تتأثر بتناول مواد او مشروبات تسبب الإدمان.
كيف نعرف ان هذا الشخص مصاب بالإدمان على مواقع التواصل؟
-“هناك اكثر من علامة قد يأتي على رأس قائمتها المدة التي يقضيها الشخص في تصفح المواقع. وعندما يؤثر هذا على المستوى الدراسي او المهني وحتى الاجتماعي للشخص، ويظل مصرا على انه ليس مدمنا وانه يبحث عن الاخبار كي يبرر فعله بقلقه على الوضع.
وتابع: نعرف ان هذا الشخص مدمن عندما نجده منزو وصامت في حال اجبر على ترك تصفح المواقع لوجود ضيف او اي ظرف طارئ، لأنه يبدأ بالإحساس بالاضطهاد وتقييد حريته، ويشعر ان هناك اشياء مهمة ستفوته. هناك من وجد بتصفح مواقع التواصل وسيلة للهرب من حياته الاجتماعية غير المستقرة والمتوترة لأسباب عدة.
هل يتوقف الأمر على الحالة النفسية للفرد فقط؟
-” لإدمان مواقع التواصل الاجتماعي اثر على الحالة الصحية للجسم، اولها متلازمة النفق الرسغي وهي حالة طبية تنتج عن ضغط العصب المتوسط في النفق الرسغي، والذي ينتج عنه اعتلال العصب. وسببها الكتابة لمدة طويلة، وسيتم الضغط على أوتار الأصابع.
واضاف: يسبب ادمان مواقع التواصل بحالة التقليل من قيمة الذات، ونحن نتابع حياة المشاهير والنجوم وبعض الاشخاص الذين يعيشون حياة مترفة، فتبدأ المقارنة، وهنا تتولد مشكلات نفسية خطيرة. هناك من يبدأ بالانسحاب من الحياة الاجتماعية التي يحياها لأنه يجد ان الجملة التي يقولها في حوار مع عائلته لا تجلب ردود الفعل نفسها في حال كتبها على احد مواقع التواصل الاجتماعي، فيبدأ بالانطواء على دائرتها لأنها توفر له متعة اعجاب المئات او الالاف بما نشره من صور او كلمات وتمنحه شعورا بالرضا.
وختم: مواقع التواصل مهمة ومفيدة وممتعة ايضا، لكن وهذه مسؤولية الاهل، ان يخصصوا وقتا لمتابعتها، والهائهم بأمور اخرى كأن يطلبوا منهم مساعدتهم بأمر ما، او ارسالهم لشراء ما نحتاجه من الاسواق، نطلب منهم متابعة عمل درامي او قراءة قصة معينة بعد ان نشوقهم لها. هناك امور عدة يمكن بها ان نبعد اولادنا وبناتنا عن الهاتف اكبر وقت ممكن، المهم ان نعي ضرورة هذا.