هل بدأت معركة صيد الفاسدين، وما نتائجها المتوقعة، ومن يقف مع الحكومة ومن يقف ضدها في هذه المعركة الشريفة المؤجلة منذ سنوات؟!
إعلان الحكومة الجديدة عن خطوات جدية، كما يبدو،لمحاربة الفساد، وتنفيذ اعتقالات ضد مسؤولين متهمين بالفساد، حظيت بتأييد شعبي واضح وتغطية إعلامية ساخنة، وذلك بعد أن فشلت الحكومات السابقة في فتح ملفات الفساد،وقد أصبحت قضية الفساد ومظاهره المكشوفة تستفز مشاعر الناس وتدفعهم للاحتجاج!
هل كان رؤساء الوزراء السابقين تنقصهم الشجاعة أم القوة المسلحة أم التأييد الجماهيري لشن هجومهم على أوكار الفساد؟!..وهل حقاً أنها معركة تحتاج إلى توافق سياسي في حين أن كل السياسيين يتبرأون في تصريحاتهم الإعلامية من ظاهرة الفساد ويدعون لمحاربتها،لكن القوم في السر غير القوم في العلن!؟
قرارات الحكومة المدعومة بقوة من المرجعية الدينية الرشيدة والمواطنين الشرفاء تشير إلى جدّية واضحة في فتح ملفات فساد معروفة،أصبحت متداولة في وسائل الإعلام ومكشوفة أمام الرأي العام،منذ سنوات عدة، وينبغي أن يكون شعار الحملة ضد الفساد أن ( لا حصانة للفاسدين) مهما كانت ألقابهم وعناوينهم ومناصبهم!
يقدر المال المسروق من ميزانيات العراق، خلال خمسة عشر عاماً، من خلال المشاريع الوهمية والاختلاس والرشوة، بأكثر من 300 مليار دولار، وهو مبلغ خرافي يكفي لجعل العراق جنة في الأرض، لكن تلك الثروة الهائلة لم تصل إلى المواطن، بل ذهبت إلى حسابات مصرفية لشخصيات يفترض أن تكون مؤتمنة أمام الله والشعب والقانون على المال العام، وتكونت من خلال أموال الفساد امبراطوريات حزبية وإعلامية ونقابية وعقارية لا يمكن اختراقها إلا بصعوبة،فالمال الفاسد يجلب المزيد من المال،ومن ثم يوفر السلطة والجاه والمنصب والسلاح والحماية،ومن يحاول اقتحام تلك القلاع الحصينة لا بد أن يكون واحداً من بين اثنين،أما شجاعاً مغامراً أو مجنوناً منتحرا!
أبرز مظاهر الفساد عمليات الابتزاز في ما يسمى( القومسيون) المفروض من قبل شخصيات سياسية وأحزاب على المقاولين والشركات،ولم يخجل بعضهم من الاعتراف علناً بتلوث أياديهم بالسحت الحرام،وقد أدت هذه الظاهرة لتعطيل الكثير من المشاريع أو تنفيذها بطريقة سيئة بسبب التواطؤ بين المقاول والمسؤول الفاسدين، وهي مرتبطة بظاهرة أخرى لا تقل قبحاً تتمثل في المحسوبية وبيع المناصب المهمة من خلال الحصص المخصصة للكتل السياسية،حيث يفرض على المشتري(حلب) مؤسسته لصالح الشخصية أو الجهة التي نصبته!
خلال الأيام الماضية، تكشفت ملامح المعركة المقبلة ضد الفاسدين، ويتوجب على الشرفاء من السياسيين والإعلاميتين فضلاً عن الاوساط الدينية والشعبية دعم الحكومة في تحقيق النصر،فمن لم يستطع بيده أو لسانه فليكن مناصراً بقلبه، وذلك أضعف الإيمان،على وفق حديث قدوتنا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.
د. محمد فلحي