احلام يوسف
التطرف لا تنحصر بالمعتقدات الدينية اذ باتت كلمة متطرف تقودنا مباشرة الى الارهاب مهما اختلفت مسمياته، وهو يعني انك حدّي، لا ترى الا طرفين ابيض واسود، مع ان هناك الوان كثيرة اجمل.
ان ترى الحياة بلونين يعني انك تتعامل مع الاخرين على هذا الاساس، فلا يوجد شخص اعتيادي، اما ان يكون شرير بالمطلق او ملاك بالمطلق، ما يؤدي في بعض الاحيان الى احداث صدمة، فان تعاملنا مع شخص بوصفه ملاكا سيصدمنا أي تصرف غير مقبول منه، والعكس صحيح.
يقول الطبيب النفسي عبد الخالق طاهر ان علم النفس يستعمل مصطلح “المنطق ثنائي التفرع” على هذه الحالة، واضاف: غالبا يصنف هؤلاء الامور والاشخاص بتطرف وحدّية، فمع أي تصرف جيد لكنه طبيعي يمكن ان يطلقون صفة ملاك او ان هذا الشخص عظيم او رهيب، وبالمقابل يصفون ايا كان بالشرير اذا اقدم على فعل سيء بسيط.
وتابع: يعاني هؤلاء الاشخاص من ادراك ان الامور المثالية نادرة، وان الاشخاص المثاليين نادرين ان لم نقل غير موجودين بيننا، وبالتالي لا يتقبلون فكرة ان لكل شخص ولكل حدث ايجابيات وسلبيات، وكي نتقبل هذا المنطق علينا ان نطبقه على انفسنا، أي ان ندرك اننا لسنا ملائكة ولسنا شياطين، بل نمتلك النصفين، والانسان الخير يعزز نصفه الملائكي بأفعاله وكلامه والشرير كذلك. لكن يبقى الثاني يمتلك في داخله صفات ملائكية تحتاج الى من يستفزه ويشجعه كي تبرز.
واضاف: يعاني امثال هؤلاء من مشكلات نفسية، ليس بسبب كثرة صدماته بالمحيطين به فقط، بل حتى ما يتعلق به شخصيا، لأنه يحاول دائما الوصول الى درجة الكمال، ويكون هدفا ثابتا، وبما ان الكمال لا يمكن الوصول اليه، فسيظل الشخص يشعر بعدم الرضا عن نفسه، لذلك فكما قلت انفا يجب تقبل فكرة ان لا احد منا مثالي، وان الشخص الجيد، من تغلب صفاته الحسنة على صفاته الشريرة.
ويضيف طاهر ان علينا النظر الى الاشخاص الذين وضعناهم في الطرف الملائكي بتمعن، وان نفترض ونتوقع ان يقوموا بتصرف غير متوقع، او نركز معهم اكثر من دون ان ننزههم فالتنزيه يشبه التقديس، والشخص عندما يقدس فرد لا يمكن ان يتقبل فكرة ان لديه عيوب، واضاف: التركيز في هذه الحالة سيجعلنا نلاحظ بعض عيوب هذا الشخص، وبالتالي تقبل فكرة انه ليس شخصا مثاليا، فكلنا عيوب وكلنا حسنات.
اوضح طاهر بان نمط التفكير هذا يبدأ في مرحلة الطفولة، فعندما يبالغ الاهل بوصف اولادهم ويصفونهم بانهم عباقرة لقيامهم بفعل بسيط يبدأ الطفل بالشعور بالإحباط عند فشله في الارتقاء الى المستوى الذي وضعوه فيه من باب التشجيع.
وقال: يجب ان ينتبه الاهل الى ان المبالغة في بعض الاحيان تكون خطيرة، لا بأس من تشجيع الاولاد عند قيامهم بفعل جيد، لكن يجب ايضا ان لا نبالغ بردة فعلنا، ونقيمه على اساس استحقاقه.