ريسان الخزعلي
.. يأخذنا الموت ُ
دون َ أن نراه – ،
وكأن َّ هذا المنتصرَ أبداً ..، هارب ٌ أبداً ..*
( أدونيس )
…….،
صلاح ستيتيّة ، ربما هو أكبر الشعراء العرب عمراً ممن يكتبون بالفرنسية ، شاعر فرانكفوني من طراز نادر ، شاعر وناقد ومفكر ودبلوماسي ، حظي بإهتمام كبير في فرنسا ونال التقدير بإستحقاق . نقرأ شعره مترجماً ونجد الصعوبة واضحة ً في التلقي . هو يعترف بأن ترجمته إلى العربية غير موفّقه وما كانت توصله ُ الى القراء العرب . ترجم له الشاعران ( أدونيس وكاظم جهاد ) ..، ورغم أنَّ الإثنين يُجيدان الفرنسية إلّا إنَّ التلقي إصطدم بالصعوبة ذاتها . وقد ترجم له آخرون وما كان بالوسع ِ أن يوصلوه أيضاً .
من أعماله الشعرية المبكّرة : الماء المحروس البارد ، مقطّعات – قصيدة ، منقلب الشجرة والصمت .
وله في الفكر والنقد والتأمل : أور في الشعر ، حَملة النار ، الليلة الواحدة بعد الألف .
كان دأبه كما يقول عنه مترجمه ُ كاظم جهاد : البحث في أعماق اللغة وأعماق الكائن والعصر .وفي دراسة بعنوان ( أعراس المقدّس والشك ) يقول عنه / آلان بوسكيه / …..:
منذ ُ مجموعته الأُولى ( الماء المحروس البارد ) ..، كانت قصائد صلاح ستيتيّة تتصرف كمبتكرات ( منحوتات ) لفظيّة يمكن القبض عليها من كل الجهات ، دون التأكد من احتجازها عن حقّ . قصائد موجزة وأساسية ، تزاوج بين عناصر تجريدية ومشخصّة ، فهي تبدو منتمية إلى أكثر من طبيعة ، الصوَّر تنقطع فيها بحدّة ، وتبدو الإيحاءآت هاربة بمجرد أن يتم رسمها .
إن َّ تشخيص بوسكيه هذا يعكس هو الآخر صعوبة شعر ستيتيّة رغم أنه يطالعه ُ بالفرنسية ، وأرى أن الصعوبة هذه تعود إلى طبيعة شعرية لها من الخصوصيّة ما يُميّزها ، كون الشاعر لا ينوي تقديم تسليات جاهزة ، وإنما يعمل شعريا ً مأخوذا ً بالفكر والفلسفة وما يتبعهما من تصادمات في تفسير الوجود والفن بصورة عامة .
الشاعر ستيتيّة يمكن وصفه ُ بشاعر الضوء ، والضوء في شعره يتكرر كثيرا ً ، يحاوره ، يعلله ُ ، ويراه المُخلّص :
أُحيي فتوة الضوء
فوق َ هذه ِ البلاد ِ العظيمة ِ الطهاره
لأن َّ نساءها عصيّات
على صدورهن تتصالب ُ أجنحة
لوقاية قلب ٍ لاهب ٍ في الرجال
خَتَنَه ُ حب ٌّ مسدل ُ الهدب
– مَن سينقذ هذه البلاد من ضوضاء ِ
جنود ٍ يتقدمون َ تحت َ النصر لكي يستأصلوا
الماء ِ المحروس َ البارد َ- ولكي يأخذوه ..؟
أيها النهر ُ ياضوئي الوديع المعرّى
فوقك َ السماء ُ القويّة .. انها السماء الأُخرى
لاسماء ُ الاسفنج الأزرق .
…….،
رحل الشاعر مرشوشاً بالماء المحروس البارد ، تاركا ً ل( حمَلة النار ) مصاعب الكتابة – كما أسماها …