انقسام الكتل الشيعية اوقعها في مأزق لا تملك منه فكاكا ولجنة السبعة تبحث عن حل

ترجيحات بتجاوز نهاية المهلة الدستورية

كتب رئيس التحرير
عبثا تحاول الكتل الشيعية الحاكمة في العراق التملص من المأزق السياسي الذي وجدت نفسها فيه . وهذا المأزق يتلخص بملاقاة استحقاقاها في ايجاد حكومة جديدة والتوافق على رئيس وزراء جديد في اعقاب اجهاض تجربة الدكتور محمد توفيق علاوي . فهذه الكتل تجد بين يديها هدية مسمومة لا يمكنها التخلص منها . وتواجه من دون ان تكون مهيأة مطالب شعب يتلهف للخروج من المسار المنغلق على نفسه الذي خلقته تلك الكتل .
ولعل اول ما ينتظرنا هو ان المجموعات السياسية الشيعية التي تدير دفة السياسة غير قادرة على الالتزام بالمواقيت الدستورية التي وجدها نفسها ازاءها . واغلب الظن انها ستنتهكها وتتناساها وتهملها حسب التقارير والتوجهات الراهنة . فمن المرجح ان موعـد اختيـار مرشـح تتقدم به لرئيس الجمهورية سوف يتم تجاوزه مع انـه يعـد التزمـاً دستوريـاً لا فكـاك منـه.
وقد وجدت الكتل الشيعية نفسها منضوية في جماعة غير منسجمة وغير متناسقة ومختلفة التوجهات عندما شكلت ما يعرف بـ ” اللجنة السباعية ” فهذه اللجنة تضم الواناً متيارات متنافرة لم تتمكن من الإتفاق في الاساس على اي شيء منذ آماد طويلة . لهذا فمن غير المتوقع ان نرى ضوءاً في أخر النفق كما يقال . كما ان التحدي المطروح المتجسد بإختيار رئيس وزراء مقبول لن يحل مشكلاتها بل يفتح الطريق امام تحديات اكبر هو تشكيل حكومة جديدة بنفس القدر من المقبولية وتجربة محمد توفيق علاوي واضحة.
تحديات رئيس الوزراء
ان اغرب تناقض تجد الكتل الحاكمة نفسها امامه هو : اي رئيس وزراء نريد ؟ فالواقع السي يفرض شرطين متعارضين في العمق ولكنهما يتشاطران المساحة السياسية نفسها .

فمن جهة تعتبر تشكيلة الاحزاب الحاكمة المعنية بتسمية او انتخاب مرشح للوزارة بمجملها كتلة « شيعية « بإمتياز لا يتدخل اي طرف سياسي في واجباتها وحقوقها وهي محسوبة شاءت ام ابت على ايران. مع ان هذا الامتياز النادر يحملها مسؤولية كبيرة في بلد لم تتبلور فيه تقاليد واعرافا عديدة وهو بنفس الوقت يحجب عن القوى الأخرى من الكتل الكردية والسنية حق تولي رئاسة الوزراء والصلاحيات الكبرى المرافقة له كالمسؤولية الاولى عن القوات المسلحة والمسؤوليات التنفيذية الأولى في البلد.
وفي الوقت الراهن نحن ازاء مفارقة سياسية نادرة ذات طابع اقليمي يتلخص في رغبة ايران ان يتولى الحكومة شخص له صلات خاصة مع الولايات المتحدة . ليكون قادراً عند الضرورة على فتح جسر للحوار بين واشنطن وطهران لا سيما ان الوضع السياسي الراهن متقلب وينطوي على مخاطر كبيرة تبرز من تناقضات ومشاحنات تطل برأسها بين آونة واخرى . قد تصل في بعض الاحيان الى شفا الحروب كما شهدنا خلال الأشهر القلية الماضية التي اعقبت اغتيال الجنرال قاسم سليماني وابو مهدي المهندس . وتخشى طهران ان يفلت الزمام من يديها بسبب تفلت بعض الميليشيات التابعة لها وذهابها الى مديات لا يمكن خلالها كبح جماح الاحداث .
ولن نكون بعيدين عن الواقع اذا تحدثنا عن سيناريوهات تعاون ايرني اميركي جرى تأجيلها بسبب الاحداث الاخيرة منذ ازمة خليج هرمز وما رافقها من تصعيد . لهذا فالحاجة الى جسر سياسي امر مرغوب فيه ايرانياً ، ويشكل املاً كبيرا تحلم به ايران لتجاوز الدائرة المغلقة الترى نفسها فيه اليوم .
ان الهدف الذي تسعى اليه القوى العراقية يواجه مشكلات اخرى اهمها ان بحثها عن محاولة اقناع الاطراف المتنافرة في التكتل الشيعي بالوصول الى الاجماع اللازم على قراراتها تصطدم اليوم بمعضلات واقعية . فلم تنعم الكتل الشيعية بلحظة واحدة بمثل هذا الاجماع ، بل ان الإنقسام فيما بينها كان الميزة الجلية على الدوام .
لهذا يأتي الترجيح بأن الكتل الشيعية قد تواجه اضطراراً بتجاوز المهل المحددة دستورياً وهو ما يتلهف العراقيون على الإلتزام به .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة