وسام زغبر *
علّق الأسير إسماعيل علي خلف (30 عاماً) من بلدة أبو ديس في مدينة القدس المحتلة إضرابه المفتوح عن الطعام والذي استمر (112) يومًا، بعد التوصل لاتفاق يقضي بتجديد الاعتقال الإداري له لمرة واحدة فقط.
وقالت عائلة الأسير خلف: إن «ابنها علّق إضرابه بعد اتفاق يقضي بتحديد سقف اعتقاله الإداري، بحيث يصدر بحقه أمر اعتقال إداري أخير لمدة ستة أشهر».
وأوضح نادي الأسير الفلسطيني في بيان له في (12/11/2019) أن عائلة الأسير خلف أبلغت بتعليق نجلهم إضرابه عن الطعام الذي استمر (112) يومًا رفضاً لاعتقاله الإداري.
وخلال فترة إضرابه الحالي استنفد الأسير كافة المحاولات في محاكم الاحتلال، ومنها «العليا الإسرائيلية» التي رفضت مؤخراً الالتماس المقدم باسمه، وأبقت على اعتقاله الإداري رغم خطورة وضعه الصحي.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسير خلف عدة مرات بما مجموعه (7) سنوات، وأعيد اعتقاله في 12 كانون ثاني (يناير) من العام الجاري، وصدر بحقه قرار اعتقال إداري لمدة 6 شهور، وحين قاربت على الانتهاء جددت له الاعتقال الإداري لمرة ثانية، مما دفعه لخوض إضراب عن الطعام، ووصلت حالته حد الخطورة القصوى.
وينتهي الحكم الإداري الحالي بحق الأسير خلف في كانون الأول /ديسمبر المقبل، بينما الحكم الإداري الأخير سينتهي في حزيران 2020، حيث يقضي الاتفاق بالإفراج عنه بعد ذلك.
وقال خلف شقيق الأسير إسماعيل إن «الفعاليات الشعبية والفصائلية المساندة للأسير خلف وحجم التفاعل معه كانت بالمستوى المطلوب في أبو ديس وباقي محافظات الضفة الفلسطينية».
وأضاف خلف في حديث لـ«الحرية» أن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقوم بزيارة الأسير إسماعيل وتطلّع على حالته، دون ممارسة الضغوط على الاحتلال لإجباره على الإفراج عنه أو نقل ملفه وباقي الأسرى للمحاكم الدولية». مبيناً أن عائلته لم تزره منذ أيار (مايو) الماضي، بل تحصل على تطمينات عبر محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين والصليب الأحمر الدولي.
تقصير رسمي
من جهته، أوضح ياسر مزهر رئيس مؤسسة مهجة القدس أن الأسير إسماعيل خلف شكل في إضرابه المفتوح عن الطعام أسطورة كبيرة. داعياً في الوقت نفسه لوحدة الأسرى في إضرابهم بشكل جماعي ضد الاعتقال الإداري حتى يكون حجم الفعاليات المساندة للأسرى ترقى لمستوى معاناتهم وأوجاعهم.
واتهم مزهر في حديث لـ«الحرية» المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة ومنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتقصير في دورها وواجبها اتجاه كافة الأسرى وخاصة المضربين والمرضى، إلى جانب انحيازها لجانب دولة الاحتلال الإسرائيلي.
كما اتهم وزارة خارجية السلطة الفلسطينية بالتقصير اتجاه الأسرى وخاصة المعتقلين إدارياً والمرضى في حمل ملفهم لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، كما حدث مع الدبلوماسية الأردنية التي نجحت بالإفراج عن الأسيرين اللبدي ومرعي.
وقال مدير مركز الدفاع عن الحريات «حريات» حلمي الأعرج: إن «الفعاليات المساندة للأسرى شعبياً وفصائلياً جيدة لكنها لا ترتقي لمستوى تضحياتهم، وهي غير كافية في حال لم تستند لتحرك دولي لإلزام حكومة الاحتلال بوقف سياسة الاعتقال الإداري». مضيفاً: «الحركة الأسيرة رغم همومها وقضاياها، فهي تقف لجانب الأسرى المضربين ضد الاعتقال الإداري، وهذا النضال بحاجة لحملة دولية، وإضراب جماعي، وخطوات نضالية مشتركة ضد سياسة الاعتقال الإداري ومقاطعة للمحاكم الإسرائيلية».
حملة دولية
وأوضح الأعرج في حديث لـ«الحرية» أن الاحتلال يرفض الاستجابة للأسير المضرب عن الطعام وهو يخوض معركته دون مبالاة بهدف كسر إرادته، وفي حال تدهور صحته يرغم على التفاوض مع الأسير المضرب والوصول لحل وسط بتمديد «جوهري» للاعتقال الإداري مع انتهاء الفترة الحالية. مشدداً على أن الأسرى لا يثقون بالاحتلال ولا بقوانينه لكثرة مماطلته وابتزاز الأسرى ودون ضمانات.
ودعا الأعرج لحملة دولية من المنظمات الرسمية والأهلية والشعبية ضد الاعتقال الإداري التعسفي لتعرية الاحتلال وإجباره على الانصياع للقانون الدولي ووقف التعاطي مع هذا الملف، موضحاً أنه سبق لتلك الحملات أن أعطت ثمارها في أواخر تسعينيات القرن الماضي وقاربت على إنهاء هذا الملف التعسفي الذي يرتقي لمستوى جريمة حرب نتيجة جريمة التعذيب النفسية للأسير وعائلته.
وتابع الأعرج: «الضغوطات الأميركية على مكتب محكمة الجنايات الدولية تحول دون توجيه أصابع الإدانة لدولة الاحتلال، وهذا لا يمنع التحرك باتجاه مجلس حقوق الإنسان والدول السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف».
الإضراب الجماعي
أما ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية بقطاع غزة إبراهيم منصور، أكد أن الأسرى الفلسطينيين قدموا نموذجاً مبدعاً في الإضراب الجماعي في سبعينيات القرن الماضي، والفضل الأكبر يعود بتنظيم هذا الشكل من الإضراب للأسير الشهيد عمر القاسم بخوض الإضرابات بمجموعات كبيرة.
وأضاف منصور في حديث لـ«الحرية»: أن «الدعم الجماهيري والتغطية الإعلامية يساهمان بشكل كبير في تقصير مدة الإضراب سواء كان فردياً أم جماعياً، ويخفضان من مستوى الخسائر في صفوف الأسرى، ويحققان الجزء الأٍكبر من مطالبهم في إضرابهم قبل الوصول لحالات استشهاد أو أضرار لا يمكن معالجتها على المستوى الصحي للأسير المضرب».
بدوره، قال المحامي سمير المناعمة مركز الميزان لحقوق الإنسان: «لا نتمتع كمؤسسات حقوقية فلسطينية بصفة قانونية لمجابهة القانون الإسرائيلي أو الطعن أو الاعتراض عليه». لافتاً إلى أن الاعتقال الإداري يتم وفق تهمة سرية دون تعرف المعتقل على تفاصيلها أو توقيف محامي أو الدفاع عن نفسه في انتهاك فاضح للمحاكمة العادلة.
ودعا المناعمة في حديث لـ«الحرية» وزارة خارجية السلطة الفلسطينية إلى تضمين تقاريرها المقدمة للجان الاتفاقيات الدولية بالانتهاكات ضد الأسرى وخاصة ملف الاعتقال الإداري. مبيناً أن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ترصد الانتهاكات وتفضح الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المناعمة أن مؤسسات الأسرى باستطاعتها تقديم تقارير موازية لدحض ادعاءات الاحتلال وتقاريره الذي يزعم باحترام حقوق الإنسان، مشدداً أن محكمة الجنايات الدولية ليس من اختصاصها محاسبة دولة الاحتلال على ملف الاعتقال الإداري، لكن مجلس الأمن باستطاعته تحت البند السابع فرض عقوبات على دولة الاحتلال لانتهاكها مبادئ حقوق الإنسان.
من جهته، أوضح مدير عام العلاقات العامة والإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عاطف مرعي أن هيئته لم تقصر في تحركاتها اتجاه الأسرى وخاصة المضربين عن الطعام عبر محامييها في الدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار مرعي لـ«الحرية» إلى أن وزارة خارجية السلطة تتحرك عربياً ودولياً وتدوّل قضية الأسرى عبر عقد عشرات المؤتمرات الداعمة للأسرى في عديد الدول العربية والأوروبية إلا أن إسرائيل تواصل ضرب القرارات الدولية الداعمة لحقوق شعبنا ومنها حقوق الأسرى بعرض الحائط، مستغلة الدعم الأميركي المفتوح لها.
- عن مجلة الحرية الفلسطينية العدد 1750