«اليوم الكذلة تسولف.. خَلَّي عكالك للدكّات «
بغداد – الصباح الجديد:
في بغداد وفي ساحة التحرير تحديداً، يُلاحظ دور المرأة منذ اندلاع الاحتجاجات، وبعدما نصب المتظاهرون خيم الاعتصام عززت المرأة موقعها من خلال تقديم الإسعافات الأولية وتحضير الطعام ميدانياً وفي المنازل وتوزيعه على الحشود الغفيرة هناك، وأكثر من ذلك شاركت المرأة في الاعتصام المفتوح في ساحة التحرير والمستمر منذ 25 تشرين الأول 2019.
سالي مارس فتاة بغدادية وهي عازفة غيتار تقول عن مشاهداتها في ساحة التحرير وشوارع بغداد المكتظة بالنساء العراقيات المتظاهرات: “فاجأتني أعداد النساء المشاركات في التظاهرات، الفتيات هناك يقدمن الطعام والإسعافات الأولية وكل شيء يمكن تقديمه لدعم المتظاهرين، رأيت فتيات أعتياديات يقفن على الأرصفة ويحملن الإسعافات الأولية لتقديمها للمصابين بقنابل الغاز مسيل الدموع، إنهن حاضرات بنحو دائم في ساحة التحرير».
وزادت مارس إن المفاجئ أكثر في تظاهرات بغداد وبخاصة في ساحة التحرير هو التنظيم، فالأمور هناك ليست عبثية أو فوضوية، بل على العكس من ذلك تماماً، “الحشود البشرية منظمة وعندما، تدخل سيارة الإسعاف أو التوك توك لإنقاذ المصابين يفتح لها المتظاهرون الطريق بطريقة لافتة وسريعة، ومن دون أن يُعرقل ذلك التظاهرات أو يؤثر في تنظيم التجمعات البشرية في ساحة التحرير وحولها”.
وعن شائعة التحرش بالنساء التي يحاول البعض من المندسين الترويج لها ،قالت مارس: «هذا كذب، لم يحدث أي تحرش إطلاقاً، فقد كنت أقف وسط الشباب الذين لا أعرفهم، ولم يتعرض أيٌّ منهم لي، ودخلت في أزقة منطقة البتاوين المشهورة بسمعتها السيئة، ولم أسمع أي كلمة تحرش، على العكس، فعند دخولي إلى ساحة التحرير أعطوني الكمامات والبيبسي وهي إسعافات أولية ضد الاختناق بالغاز مسيل الدموع”.
تذكر مارس قصة مؤثرة عن طفل عراقي كان في التظاهرات: اذ كان الطفل لا يتجاوز العاشرة من عمره، وجاء إلى أحد الشباب المتظاهرين الذين يرتدون الأقنعة المضادة للغازات مسيلة الدموع، وطلب منه بإلحاح شديد أن يعطيه القناع، وعندما سأله ذلك الشاب عن السبب قال له إنَّه يريد الذهاب إلى جسر الجمهورية المغلق بالكتل الكونكريتية من أجل إسقاطها حتى يستطيع المتظاهرون المرور والتوجه إلى المنطقة الخضراء»، سائلة، من أين لذلك الطفل كل هذا الوعي والشجاعة ليفعل ذلك.
ومن الشعارات اللافتة التي رفعتها النساء في التظاهرات هي: اليوم الكذلة تسولف… خَلَّي عكالك للدكّات” وهذا شعار رداً على قمع السلطة والمجتمع والقبيلة.
وبحسب هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة في العراق فإنَّ 14 في المئة فقط من النساء العراقيات يعملن خارج البيت، وهذه النسبة هي الأقل على مستوى العالم، والأخطر، أنها تعني أنَّ 86 في المئة من النساء العراقيات لا يتمتعن بالاستقلالية لأنَّهنَّ لا يملكنَ دخلاً خاصاً بهنَّ.
وفقاً لدراسة أجرتها “الذراع الخيرية لشركة تومسون رويترز للأخبار والمعلومات” عام 2013 لتقييم وضع المرأة في 22 بلداً عربياً من حيث العنف والحقوق الإنجابية والمعاملة داخل الأسرة والاندماج في المجتمع والمواقف تجاه دورها في السياسة والاقتصاد، جاء العراق ثانياً -بعد مصر- بوصفه أسوأ بلد عربي يمكن أن تعيش المرأة فيه.
وتبين أن قرابة 72.4 في المئة من النساء العراقيات في المناطق الريفية، و64.1 في المئة من النساء في المناطق المدنية يستأذنَّ أزواجهنَّ للذهاب إلى العيادة الصحية.
على رغم هذا العنف، والإقصاء، نزلت المرأة العراقية إلى الشوارع طبيبةً ومسعفةً وشاعرةً ومؤازرةً للرجال حتى تحقيق المطالب.