احمد بلقاسم
لقد قرأ ما فيه الكفاية من كتب القصص والروايات والأشعار والمسرحيات والدراسات أيضاً، الآن هو على يقين تام؛ أن ما زرعه من كلام أنيق وبذيء وأحداث وكوارث وخرافات وتخاريف وسباب وغرام وخيال وجد وهزل، ضمته بين سطورها تلك الرزمة من القراطيس، قد نبت نباتاً وأزهر ثم أثمر ثماراً طيبة لابد وأن يجود بشيء منها على الغير وأنه آن الأوان ليشحذ منجله استعداداً لحصاد السنابل ويعبئ السلال بما لذ وطاب من فواكه، لا سيما وأنه طبق نصيحة أساتذته بحذافيرها وهو على مقعد الدرس إن في الثانوية وإن في مدرجات الجامعة: اقرأ واحفظ كفاية من الأشعار والقصص والروايات ووو والق بكل ذلك في جوف النسيان كي تصبح أديباً أريباً.
اليوم وعلى حين غرة ومضت في خاطره فكرة ساخنة محرقة كادت تأتي على مخه، إذ سأل نفسه ألا يكون النسيان، قد حول تلك البذور الأدبية إلى سماد مخصب حيوي دقيق، لبنات أفكاره ولمخزونه من المحفوظات؟ سرعان ما أتاه بالأخبار من لم يزود، وشمر عن ساعديه والصفحة البيضاء تحت رحمة يراعه ممدة أمامه ترمقه بعينيها النجلاوين، تترقب في صمت ووقار، ما ذا عساه يفعل بها، تملكته الحيرة قبل أن يحسم أمره، إذ شعر بالارتباك وبياضها الناصع يتحداه في هدوء، فكر ملياً ماذا يزرع في أحشائها؟
– شعراً؟
– رواية؟
– مسرحية؟
– قصة قصيرة؟
– خواطر؟
فكر وقدر، ثم فكر وقدر، ونظر عميقاً في الأمر ثم نظر، وها هو ذا يجود بفيض غلاله، وقد استلمت البيضاء ليراعه السيال في دعة ودلال..
يا له من جهبيذ صنديد، اختار أيسر وأقصر السبل لبلوغ الهدف اختار أن يكتب القصة القصيرة جدا جدا جدا…!
أيسر السبل
التعليقات مغلقة