حرب الطائرات المسيّرة تشتد ضراوة بين الإمارات وتركيا في معركة العاصمة الليبية

بعد مرور خمسة أشهر على بدئها

متابعة ـ الصباح الجديد :

تبدو سماء ليبيا مزدحمة اليوم أكثر من أي وقت مضى ليس بسبب كثافة الطيران التجاري بل بنوع آخر من الطائرات العسكرية الذكية المسيرة، وخصوصا الإماراتية والتركية بينما لم يتمكن أي من طرفي النزاع حسم المعارك في جنوب طرابلس بعد مرور خمسة أشهر على بدئها.
وتتبادل القوات الموالية للمشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد الذي يشن هجوما للسيطرة على العاصمة منذ الرابع من نيسان ، وحكومة الوفاق المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، الاتهامات باستخدام الطيران المسيّر في شن الهجمات.
ورأى الخبير في الشؤون العسكرية ارنو دولالاند أنه بعد «الاستعمال المكثف للطيران الحربي في بداية الحرب، خرجت معظم الطائرات عن الخدمة واصبحت بحاجة للصيانة ما اضطر الطرفان للتسلح بنوع متقدم (من الطائرات) بدون طيار».
من جهته، يؤكد العميد المتقاعد من الجيش أحمد الحسناوي أن مشاركة طيران أجنبي مسير في المعارك الدائرة بطرابلس، ليس سرا. وقال لوكالة فرانس برس إن «سلاح الجو (الليبي) لا يملك على الإطلاق هذا النوع من الطائرات، بل أسطوله مشكل من طائرات تعود للحقبة السوفيتية قبل أربعين عاما».
وأشار إلى أن «ليبيا لا تملك جيشا نظاميا» و»الدعم التركي للسراج والإماراتي لحفتر واضح للعيان». لكنه شدد في الوقت نفسه على أن حسم المعركة برا في غياب قوات نظامية لدى الطرفين صعب إن لم يكن مستحيلا.
ويواصل الطرفان تكثيف هجماتهما بالطائرات المسيرة. وتستهدف طائرات حكومة الوفاق قاعدة الجفرة الجوية على بعد 650 كلم جنوب شرق طرابلس، التي تتخذها قوات حفتر قاعدة عمليات وإمداد رئيسية، لأنها بوابة حيوية تربط بين مدن شرق وجنوب وغرب ليبيا.
أما القوات الموالية لحفتر، فتواصل ضرب القاعدة الجوية في طرابلس ومصراتة التي تبعد نحو مئتي كيلومتر شرق العاصمة.
ويؤكد الطرفان في تصريحاتهما الرسمية أن ضرب القواعد الجوية بشكل متكرر يستهدف «حظائر الطائرات المسيرة الأجنبية» وإعطاب غرف التحكم التي تشغلها.
وعبر المبعوث الدولي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة عن قلقه من اتساع»النطاق الجغرافي للعنف» بتبادل الهجمات بالطيران المسير بين الطرفين للمرة الأولى عبر استهداف قاعدتي الجفرة ومصراتة الجويتين نهاية تموز الماضي.
استخدام اضطراري
من جهة أخرى، أشار دولالاند لفرانس برس إلى أن «تركيا صناعتها الحربية أقل ارتباطا بالمزودين حيث تصنع بنفسها، عكس أبوظبي التي تشتري الطائرات، وبالتالي باتت ليبيا مكان اختبار للصناعة التركية وبإمكانها تجربة الطائرات المسيرة الأكثر حداثة».
إلا أن هذا الخبير العسكري يرى أن الطائرات المسيرة لا يمكنها إحداث فارق إذا أخفقت القوة على الارض في إحراز تقدم.
وردا على سؤال عن صحة نظرية أن فشل التقدم على الأرض سيدفع الطرفين باتجاه الحوار، قال «باعتقادي حفتر لا ينوي الحوار بل يحاول جر الإمارات إلى مزيد من التدخل في الحرب»، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أن تشن أبوظبي قريبا ضربات جوية تنفذها (طائرات) الميراج 2000 الفرنسية».
من جهته، كرر جلال الفيتوري المحلل السياسي الليبي فكرة أن «دولا أجنبية تدعم الطرفين وتزودهما بهذا النوع من الطائرات»، موضحا أنه «لا يمكن تجاهل اسمي دولتي الإمارات وتركيا في هذا الأمر».
وأضاف أن «الهجمات المتبادلة التي تستهدف بشكل مكثف هذه القواعد منذ نهاية يوليو الماضي، تظهر معرفة كل طرف بامتلاكه طائرات مسيرة تتحرك لضرب خطوط الإمداد وتحركات الأفراد على خطوط محاور القتال».
ومنذ اندلاع الحرب جنوب العاصمة، تبادلت قوات حفتر والوفاق إسقاط معظم الطائرات الحربية السوفياتية المتهالكة ونشرت صورا عديدة تظهر حطام طائرات في مواقع مختلفة من أنحاء البلاد.
وتسبّبت المعارك بين الجانبين التي تقترب من إتمام شهرها السادس بسقوط نحو 1093 قتيلاً و5762 جريحا بينهم مدنيون، فيما قارب عدد النازحين 120 ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
ورأت أستاذة القانون في جامعة درنة نجلاء الشحومي أن النزاع في ليبيا «حرب علنية بين أقطاب المجتمع الدولي المتصارع في ليبيا بأياد ليبية»، مشيرة إلى أن هذا البلد تحول إلى «ساحة فعلية للصراع بين معسكري تركيا وقطر من جهة وفرنسا والإمارات من جهة ثانية».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة