هل حقاً أن الفرد أو المواطن منا يحتاج الى متنفس أو منفذ للتنفيس في حالة الغضب أو العصبية أو الانفعال لأي سبب كان؟ وما هي أدوات وأساليب “التنفيس” أو الفعاليات أو الممارسات التي يتطلب القيام بها للتخفيف من الغضب والتوتر.. أو السيطرة عليه حتى لا يقع في المحذور..؟
هناك من يلجأ الى تحطيم أو تكسير الأطباق، وهناك من يمزق أوراقه ودفاتره وكتبه وذكرياته وأشعاره ويعبث بحروفه، وهناك من يقلب الطاولة على من فيها، وهناك من ينقلب على عقبيه، وهناك من يضرب أو “يخبط” رأسه في الحيط أو الجدار، وهناك من يشد بقوة شعيرات رأسه أو لحيته، وهناك من يمزق ملابسه ويلطم على رأسه وصدره، وهناك من يستهلك أو يحرق العشرات من السكائر، نافثاً دخانها كسحاب الشتاء، أملاً في التخفيف من توتره أو غضبه، وهناك من ينتقم من أقرب “مواطن” قاده حظه العاثر الى الوقوف الى جانبه أما بضربه أو شتمه أو سبّه أو الصراخ بوجهه، وذلك أضعف الإيمان.
وعند الغضب أو التوتر أيضاً، هناك من يُصدر بياناً صحفياً شديد اللهجة -خصوصاً إذا كان سياساً – يُضمنه أشد وأقسى عبارات و مفردات الشجب والاستنكار والتنديد والافتراء والشتائم والاتهامات، أو يعلن الحرب الشاملة على جيرانه، وهناك من يصعد الى سطح منزله ليقوم بالرمي العشوائي بسلاح “الكلاشنكوف” أو الـ “دوشكا” أو برباعية مقاومة الطائرات، وهناك أيضاً من يلجأ الى تناول “كومة” حبوب مسكنة أو مهدئات بقبضة يده ويرميها في فمه كما لو كان يتناول الحامض حلو أو “المكسرات” أو حبات الرمان أو “الحمص” وهناك من يقفز من فوق الجسر أو البناية الى المجهول، وهناك من يلجأ الى المخدرات أو المشروبات الروحية ليتحول الى مطرب.. أو عازف في الليل.. يردد من المساء حتى الفجر أغنية “يا ليل يا عين”، أو يصدح بصوته تحت “نصب الحرية” جنّة .. جنّة.. جنّة.. والله يا وطننا، أو يتقافز هنا وهناك في ساحة الاحتفالات الكبرى وهو يرقص”الجوبي”.. مردداً المقطع الغنائي الخالد “بين العصر والمغرب مرّت لمّة خيّالة” ، وعلى ذكر هذا المقطع الغنائي الشهير فإن الخبراء الستراتيجيين والمحللين، لم يكتشفوا الى يومنا هذا.. لغز هؤلاء “الخيّالة” ولماذا اختاروا وقت ما بين العصر والمغرب ليمروا من هناك..؟ وما علاقة الفرس “الشكَرة” وضرب الحبيب بالخيزرانة..؟ ولماذا “صا رلها سنة وستة أشهر من ضربته وجعانة”..!
نعود الى أهل المعرفة في تعريف وتوصيف “الغضب” بأنه ردّة فعل انفعاليّة بسبب أحد المؤثرات الخارجية التي قد تكون إرادية، أو غير إرادية، وتنقسم أسباب الغضب إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي: أسباب جسمانيّة فسيولوجية، وأسباب نفسيّة ذاتية، وأسباب اجتماعية تربويّة.
ومن أجل التخفيف من حالة الغضب والتوتر لسكان منهاتن في مدينة نيويورك الأمريكية، فقد وضعت إحدى شركات التصميم مؤخراً عدداً من “أكياس اللكم أو الملاكمة” في الساحات العامة والمناطق المكتظة بالسكان، من أجل قيام من يرغب من الغاضبين بتفريغ شحنات غضبه بـ “لكم” هذه الأكياس وعودته الى وضعه الطبيعي بعد إزالة التوتر!
وهنا استوقفني أحد أصدقائي وهو يتساءل لمَ لا تتوفر أكياس الملاكمة عندنا ونحن في غضب يومي..؟ وهل يجوز أن نفرغ شحنات غضبنا بـ “لكم” رأس من يصدّع رؤوسنا ليل نهار في الفضائيات بالشعارات الوطنية والهتافات الزائفة والفارغة..؟!
• ضوء
ضرب “فم” السياسي بلكمة يسارية خير من عشرة شعارات على الشجرة !
عاصم جهاد