الموصليون يستذكرون “الحدباء” في الذكرى الأولى لتفجيرها على يد “داعش”

الاهتمام بإعمارها يجب أن يقترن بالاهتمام بذوي شهداء التحرير
نينوى ـ خدر خلات:

مرت الذكرى الاولى لقيام عصابات داعش التكفيرية على تفجير منارة الحدباء بالموصل القديمة، بصمت ومن دون اهتمام يليق بهذا الشاخص الاثري الذي يمثل جانبا مهما من هوية الموصل الثقافية والتاريخية.
يقول الاعلامي والناشط الموصلي احمد الملاح، عن ذكرياته قبل عام، حين سماعه بتفجير مئذنة الحدباء ” عندما وصلني خبر تفجير منارة الحدباء التاريخية في قلب مدينة الموصل القديمة، قبل عام مضى، كنت في الطريق لصلاة التراويح بمسجد الفاتح في مدينة إسطنبول التي كنت أقطنها منذ مغادرتي لمدينتي الموصل”.
واضاف “وقع الخبر مثل الصاعقة، حاولت خلال الدقائق ما قبل إقامة الصلاة البحث عن أي شخص أو موقع يكذب الخبر لكن عبثًا أحاول، وغرقت في الحزن ولم أجد القشة التي أتعلق بها، بكيت في الصلاة حزنًا على مدينتي ومئذنة جامعها النوري الكبير التي أصبحت رمزًا للمدينة منذ أن بناها السلطان نور الدين زنكي عام 1172 قبل نحو 9 قرون من الزمن، لم أنتبه لنظرة الناس التي تعتقد أن الخشوع في ليلة القدر دفع دموعي لأن تنساب على لحيتي، ولم أتمالك نفسي فقررت المغادرة وإكمال الصلاة في المنزل وكتابة بعض ما يجول في خاطري للتخفيف عن هذا المصاب الذي ضاعف حزني على من سقط من الشهداء على أرض مدينتي وأبت الحدباء إلا أن ترحل معهم”.
ولفت الملاح الى انه “خلال ثلاث سنوات من حكم داعش لمدينتي الموصل فقدنا الكثير من المساجد والمباني التاريخية والمتاحف والمكتبات والآلاف من الشهداء والجرحى، كل ذلك مؤلم وحزين، لكن ما فقدناه بتفجير الحدباء وجامع نبي الله يونس مختلف عن كل ذلك تمامًا”,
ويتساءل “تخيل معي القاهرة من دون الحسين أو الأزهر، إسطنبول من دون الفاتح أو آيا صوفيا، بغداد من دون الإمامين الكاظم وأبي حنيفة، تونس من دون الزيتونة، دمشق من دون الأموي، أربيل من دون قلعتها والبصرة من دون النخيل، هذا حال الموصل من دون الحدباء وذو النون”.
عادا ان “الحدباء بالنسبة للموصل هي الشاهد على مجدها وما قدمه الآباء من حضارة ومشاركة في الإرث العالمي والإسلامي، الحدباء تعد ذرة الغبار التي تدخل الصدفة لتضخ عليها ما تمتلك من جمال فتخرج اللؤلؤة، مركزها وسبب نشوئها تلك الذرة.”. وتابع ان “فقدان كل هذا يجعل المدينة قابلة لإعادة إنتاج الهوية، وقد تكون هوية ممسوخة أو مشوهة، وهشة تجاه أي رياح تغيير، واقتلاع الناس من جذورها لتكون سهلة التحريك، وكسر تلك الصلابة التي تتمتع بها مدينة قديمة وكبيرة مثل الموصل، كل هذا وأكثر حدث في مدينتي الحدباء التي لم تعد موجودة”.
ويرى الملاح ان “خطورة فقدان المدن لرمزيتها وما يجعلها مختلفة عن بقية بقاع الأرض يفك الارتباط البشري بالأرض، ويجعل تمسك الناس بمدينتهم هشًا، خاصة إذا كان كسر الرمزية ممنهجًا وتم بطريقة واضحة كما حدث في الموصل، قبل ثلاث سنوات بدأت القصة بتفجير جامع النبي يونس عليه السلام، وهو الجامع الذي يرمز لنينوى، أهل الموصل يفتخرون بما نزل من القرآن الكريم على آبائهم في سورة يونس: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ} (98)”.
منوها الى استمرار “مسلسل هدم كل ما نفتخر به من متاحف ومواقع أثرية ومساجد ومكتبات وصولًا للحظة الفارقة بتفجير منارة الحدباء وجامع النوري الكبير الذي يحتوي على محراب يعود لأيام الفتح الإسلامي للمدينة سنة 17 هجرية، علما ان فقدان كل هذا يجعل المدينة قابلة لإعادة إنتاج الهوية، وقد تكون هوية ممسوخة أو مشوهة وهشة تجاه أي رياح تغيير، واقتلاع الناس من جذورها لتكون سهلة التحريك، وكسر تلك الصلابة التي تتمتع بها مدينة قديمة وكبيرة مثل الموصل، كل هذا وأكثر حدث في مدينتي الحدباء التي لم تعد موجودة”.
اما الناشط المدني الموصلي محمد حسين الحيالي، فيقول لـ “الصباح الجديد” ان “تفجير منارة الحباء يعني الاف الشهداء والجرحى من ابطال القوات الامنية ومن الابرياء من اهالي المدينة الذين قضوا تحت الانقاض، ولا نقبل ان يقول احد ما ان الحدباء هي مجرد حجارة، لانها جزء مهم وحيوي من هوية الموصليين”.
واضاف “ونحن اذ نطالب باعادة اعمار مئذنة الحدباء، نطالب ان يترافق ذلك بالاهتمام باسر وعائلات الشهداء الذين قضوا في تحرير الموصل واسر الشهداء المدنيين، وتعويضهم بما يليق بهم، لان حجارة الحدباء هي تاريخ، وارواح شهدائنا صنعت جزءا من هذا التاريخ الذي نفتخر به”.
وكان تنظيم داعش الارهابي قد اقدم على تفجير مئذنة جامع النوري الكبير التي تتوسط مدينة الموصل القديمة في 21 حزيران/ يونيو 2017.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة