مبادئ الديمقراطية البسيطة

علي عبد العال

يغرق المجتمع العراقي المنهك في دوامة مختلفة هذه المرة، إنها دوامة الديمقراطية. مع الاحترام الكبير للساسة العراقيين المخضرمين الذين ناضلوا من أجل جعل وطنهم ديمقراطيا يتمتع فيه المواطن العراقي بحريته بالتعبير عن الرأي والصحافة الحرة والقضاء العادل ومساواة الجميع أمام القانون، فضلا عن حق الانتخاب وممارسة المواطن لحريته باختيار ممثليه بالبرلمان، والكثير من المزايا الكبيرة الأخرى للنظام الديمقراطي التي تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والطبية والتعليمية. جميع هذه المفاهيم تلاشت وتتلاشى يوما بعد يوم تحت إيقاع الساسة الجهلة من جميع الأطراف.

«سوونة سنة وشيعة وأكراد» هذا الكلام يعود لأبسط مواطن عراقي يحدس ما يجري من حوله من أخطار مهلكة. وإذ نعود للتاريخ السياسي العراقي القريب نجد الكثير من الدروس والعبر سجلها الشعب العراقي بوعيه الأصيل. لم تنهض الطائفة الشيعية لا بالسلاح ولا بالعمل والخدمة بالجيش ضد الطائفة الحاكمة، وإنما على العكس تماما، لعبت الطائفة الشيعية العراقية دورا رياديا يرقى إلى المستوى المثالي بخدمة الوطن. ودافعت عن العراق وأرضه في عمق مناطقها ضد التدخل الأجنبي والغزو الدولي للعراق، ولا نريد نكأ الجراح التي خلفتها أنظمة الطوائف الأخرى في الجسد العراقي. لا نريد صب الزيت على النار. لدى العراق وشعبه الكثير من المشكلات التي لا مبرر لها على الإطلاق. لو كان ساسة العراق يتمتعون بعقلية وذهنية الفنانين والأدباء العراقين الكبار من أمثال جواد سليم وخالد الرحّال وعبد الفتاح الترك ومحمد غني حكمت وبدر شاكر السياب والجواهري الكبير والرصافي لما أصابنا ما يصيبنا اليوم من فرقة وتقسيم باسم الطائفة والدين.

لم تستطع بريطانيا العظمى تحت اتدابها للعراق بث التفرقة بالمجتمع العراقي كما يفعل البعض من السياسين العراقيين الجهلة اليوم. ساسة العراق ممن هم في السلطة وخارجها يفتكون بالعراق كدولة عريقة وشعب كريم ما لم تفتك به عتاة الدول الاستعمارية المتمرسة بالخبث والدسيسة والخداع. ونرى بشكل واضح سعي الساسة الجهلاء وهم يلهثون وراء المناصب والدولارات غير عابئين بالشعب المشرد في الصحارى والوهاد ولا بمصالح وطنهم المهدد برمته. 

حولوا المبادئ الديمقراطية البسيطة الواضحة المعالم إلى صراعات طائفية بغيضة ليس لها من منطق سوى الاسئثار بالسلطة. الفريق الفائز عن طريق الانتخابات الحرة له حق قيادة العملية وتحمل جميع تبعاتها من نجاح أو فشل. محاولة رؤساء الطوائف توظيف المبدأ الديمقراطي بالمشاركة بالعملية السياسية بالمقلوب أو تخريبها هو عين الجهل والبؤس السياسي. يعني لو ألعب لو أخرّب الملعب. الشعب العراقي يفهم اللعبة جيدا.. وربما هو بالطريق لقول كلمته الفصل..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة