تأزيم الشارع

د. علي شمخي

في لجّة الاحداث العسكرية والامنية المتصاعدة وفي خضم الخلافات والتقاطع السياسي الحاد لا احد يفكر بانفعالات الشارع العراقي وتشكله مع حركة الاحداث والتصريحات من كل صوب وحدب.. واذا كان الهرم السياسي في العراق غارقا في صراع المناصب وادارة صراع المصالح فان الشارع العراقي مثقل بالهموم ويتلقى المزيد من الشحن الطائفي والقومي كل يوم لا بل كل ساعة! وتسري الشائعة بين صفوف جمهور هذا الشارع سريان النار في الهشيم، وتبعث الفضائيات المؤدلجة يومياً برسائل متنافرة وتشحذ معنويات الفرد باتجاهات مختلفة، وباتت الساحة العراقية ميداناً لصراع محتدم توظف فيه كل اشكال الحرب النفسية والدعائية ويمكن تلمس حيثيات هذا الصراع ببساطة عند الاقتراب من حياة الناس الاجتماعية في المقاهي واماكن العمل وفي مجالس السمر وداخل البيوت.

اصبح العراقيون يتنفسون السياسة بكل احزابها ويتموضعون حيث يتموضع قادتهم ورموزهم وهم اليوم بهم حاجة ماسة الى من يهدئ روعهم ويجيب عن اسئلتهم المتنامية والمتصاعدة وهم يتلقون يوميا الرسائل السلبية التي تبعث باكثر من تفسير للاحداث المتصاعدة في مدنهم وقراهم الملتهبة. وما من احد من الرموز الدينية او السياسية والاجتماعية مهتم كثيرا بما يدور في البيوت والازقة والشوارع وما يشاع بين الناس وما يختلجهم من افكار واحاسيس.

واكتفت بعض مؤسسات الدولة العراقية بدعوة الجمهور عبر منشورات اقدم بعض افراد المؤسسات الامنية على توزيعها في الشوارع ونقاط التفتيش تدعو الى الامتناع عن مشاهدة بعض القنوات الفضائية التي اسمتها بالمغرضة من دون ان يتم الدفع بمبادرات سياسية استراتيجية يمكن ان توقف هذا الغليان والقلق المتدفق الذي يتفاعل بسرعة كبيرة مع ما يحدث على الارض من دون ان يكون هناك خطاب وطني وقومي وانساني يحفز الملايين على المشاركة والإسهام في وقف الانهيار والتراجع الامني والعسكري والتخبط في الاستدلال والعثور على المحطات الامنة التي يمكن للعسكري والمدني في العراق فيها تقديم العون والمساعدة بما يحقق الامن والاستقرار لهذا الوطن.

وقد شكلت بعض قرارات وخطب عدد من زعماء الكتل المتصارعة على الاستحقاقات الدستورية خلال اليومين الماضيين صدمة للشارع العراقي بعدما كان العراقيون ينتظرون من هؤلاء مبادرات وتنازلات وتضحيات تتيح حل العقد الكثيرة التي تقف في طريق تشكيل حكومة جديدة وتعلن عن خارطة طريق ناجحة يمكن للعراقيين عن طريقها تنفس الصعداء وابعاد شبح التقسيم والضياع.

هؤلاء ما يزالون يصرون على البقاء في ميدان الصراع والتنافس مع اقرانهم من دون ان يلتفتوا لشارع يلفه الحزن ويخيم الظلام على ازقته وتتأزم موضوعات الملفات والقضايا فيه مع اختلاف اديانه ومذاهبه وقومياته وشعارات واهداف من يمثله في الاحزاب وفي البرلمان وفي الحكومة. واصبح الجميع لا يملك سوى الدعاء الى الله بان ينزل رحمته على هذه البقعة من الارض وان تتحقق المعجزة في انقاذ العراق من المجهول.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة