مقر مجلس القضاء تحول إلى مقر للعلاقات العشائرية للتنظيم
أربيل ـ شالاو محمد:
يتطلّب الوصول إلى الحويجة المرور بمنطقة كيوان التي تُعرف اليوم بـ»طريق الموت» بينما يقف طرفا القتال المتمثلان بالبيشمركة والشرطة من جانب ومسلحي داعش من جانب آخر وأيديهما على زناد الأسلحة، فإطلاق رصاصة واحدة من من قبل أي طرف كافٍ لاندلاع القتال.
لحظة المرور بآخر نقطة تفتيش تابعة للبيشمركة والشرطة ينصحونك بعدم التوجه إلى تلك المنطقة إلا عند الضرورة القصوى حيث لقي الكثيرون حتفهم على ذلك الطريق أو تم اعتقالهم من قبل داعش وكان عقابهم الموت.
قال لي أحد البيشمركة قبل ان يودعونا في نقطة تفتيش جنوب كيوان «كن حذراً سيسألونك أسئلة دقيقة حول سبب ذهابك فإن لم يتأكدوا من صحة أقوالك ستواجهك مشكلات عدة».
ما أغراني على الذهاب هو أنني درست لسنوات في المعهد الفني في الحويجة فرأيت أنه ليس من الصعب دخول القضاء حاملاً هوية المعهد.
واجهنا نقطة تفتيش أخرى بعد مرور أربعين دقيقة ولكن مجرد رؤية راية داعش السوداء كانت كافية لنفهم أننا وصلنا إلى أول نقطة من المناطق التي تسيطر عليها داعش وكان الموقع يبعد بضعة كيلومترات عن مركز قضاء الحويجة.
كان معي في سيارة الأجرة امرأة ورجل سنييان ولم يكونا يخشيان من عدم السماح لهما بدخول المدينة حيث كانا من اهالي المنطقة، أوقف رجلان ملثمان سيارتنا بايماءة واقتربا لسؤال الركاب.
وعندما اقتربا مني سالني أحدهما عن سبب ذهابي إلى الحويجة فأظهرت هوية المعهد وقلت له «ساذهب لإعادة شهادتي» توقف لبرهة ثم قال «ليس هناك دوام في معهد الحويجة كما لا توجد تعيينات في كركوك فكيف تعيد شهادتك وماذا تفعل بها، فقلت له «إنني اعرف بعض الموظفين ربما سيسهلون لي الأمر».
وبعد إمعانه في الهوية أعطاني نسخة من القرآن وقالي لي الله معك ولكن اختم القرآن وفعل الشيء ذاته مع الراكبين الآخرين.
حيدر بقارة سائق سيارة الأجرة الذي ينتقل على الطريق بشكل شبه يومي قال «منذ أن سيطرت داعش على الحويجة وضعوا في جميع نقاط التفتيش نسخ من القرآن حيث يقدمون نسخة لكل مسافر.
وتبعد قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك 55 كيلومتر جنوب غرب المدينة ويسكنها حوالي (400) ألف نسمة من العرب السنة مع أقلية كردية وتركمانية.
عند دخولنا القضاء كان أول مقر رسمي نشاهده هي البنايات التي كانت معسكراً للفرقة 12 التابعة للجيش العراقي وقد علّقت على مدخلها الرئيسي لافتة كبيرة مكتوب عليها باللون الابيض (الدولة الاسلامية في العراق والشام – غرفة العمليات السرية) حيث فتحت داعش قسماً خاصاً بالاستخبارات لمراقبة تحركات الأعداء.
ودون أن تتوقف سيارتنا مررنا بعدة أبنية أُخرى كانت إحداها بناية المعهد الفني في الحويجة الذي درست فيه ولم تكن البناية تحمل أية لافتات لكنه محاط بعدد من المسلحين وعندما استفسرت تبيّن إن داعش حوّلت البناية إلى معتقل لأفراد الشرطة والضباط المعتقلين ومواطنين آخرين.
أبرز بناية في المدينة هي مقر مجلس قضاء الحويجة والتي تم تحويلها إلى مقر للعلاقات العشائرية وكُتب عليها بخط كبير (الدولة الاسلامية في العراق والشام – العلاقات العامة – قسم العشائر).
وحسب ما قاله أهالي المنطقة فإن داعش تتبع استراتيجية مختلفة عن باقي المناطق فقد أقامت علاقة جيدة مع العشائر وأبلغتها بأنها ستكون صاحبة السلطة في المنطقة كما كلّفت أشخاص بالحوار مع العشائر الأخرى المحيطة بالقضاء للتحالف مع داعش.
أما البناية التي كانت في الماضي مقراً رئيسياً لشرطة الحويجة فتحوّلت اليوم إلى مقر للوحدات العسكرية التابعة لداعش بحسب العبارة التي خطوها على واجهة المكان والتي كتبوا فيها (الوحدة الرئيسية – جيش الدولة الاسلامية في العراق والشام).
السائق حيدر بقارة قال «على الرغم من إن داعش أبلغت العشائر بأنها صاحبة المدينة إلا إن كل شيئ هناك يسير طبقاً لقوانين وقرارات داعش ومن يخالفها سيواجه عقوبة بالجلد 80 جلدة.
ورغم تعطيل جميع المؤسسات الرسمية إلا إن حركة المواطنين داخل المدينة طبيعية، فيما تستعرض عدة سيارات مليئة بالمسلحين وهم يحملون رايات داعش على الشوارع الرئيسية بين الحين والآخر، حيث يقول بعض المارة إن المستعرضين هم من أبناء العشائر لكن داعش لا تسمح لهم برفع أي راية أخرى غير رايتها.
المسلحون حولوا مسجدي عبد الواحد وشهيدان إلى محاكم تمثل أعلى سلطة في المكان، وقال أحد اطباء مستشفى الحويجة إن كل من يخالف قرارات داعش سيحاكم في أحد المسجدين وتُحدد عقوبته.
وتشير معلومات من مصدر رفيع في جهاز المخابرات العراقي إلى إن داعش تنوي إعلان إمارة الحويجة في الأيام القليلة المقبلة واختيار والياً لها يقوم بدور القائم مقام ويعيد جميع المؤسسات إلى العمل.