لاكثر من اربعة عشرة عاما لم تتجاوز العملية السياسية في العراق تحديات التغيير من النظام الشمولي الى النظام التعددي وبقيت معالم التشظي والتشتت والتسطيح في اغلب مفردات التطبيق للنهج الديمقراطي ولم تتح الصراعات بين الاحزاب السياسية اية تطورات يمكن من خلالها تعميق ثقة المواطن العراقي بهذه التجربة وهذا النمط من الانظمة او اشعاره بالفارق الكبير بين نظام مستبد صادر حقوق فئات المجتمع العراقي وبين نظام ديمقراطي كان يراد له تعويض ملايين العراقيين من التهميش وتطمينهم بافاق الحاضر والمستقبل ..
فالملفات الكبيرة للفساد بشتى انواعه والمشوار الطويل من الاخفاق والفشل في ادارة المؤسسات اتاح للعراقيين سبل المقارنة والقياس واذا كان الارهاب سببا مباشرا اعاق تقديم الاصلح والافضل لهذه البلاد وشعبها فان تحطيم هذه الآفة ونهايتها في العراق سيجعل المنظومة السياسية الحاكمة امام امتحان عسير لتنفيذ الوعود الكثيرة التي انتظر العراقيون هذه السنوات الطويلة كي يروها على ارض الواقع او يتلمسوا اثارها اما اذا كان السبب هو الاداء السيء للقادة والممارسات السيئة للاحزاب وممثليها وتشبثهم بمقاليد الادارة والقيادة واستحواذهم على الفرص والمواقع والمناصب بوصفهم منظومة التغييرفي النظام السياسي فان استبدال هؤلاء الفاشلين سيكون ضرورة حتمية في المرحلة المقبلة انطلاقا من دعوات المرجعية الدينية العليا التي رفعت شعار (المجرب لايجرب ) واتساقا مع دعوات الاصلاح التي مثلتها التظاهرات الكبرى في بغداد والمحافظات على مدى السنين الماضية واستجابة لاصوات الرأي العام الذي عبر في مناسبات عديدة عن رفضه واستهجانه لهذه الممارسات ولهذا الفشل الذي طال مرافق الدولة بمختلف عناوينها وتسبب في اهدار ثروات العراق وتبديد طاقاته وانسجاما مع هذه المعطيات فان الانتخابات المقبلة التي يقترب اجراؤها تمثل مرحلة مفصلية في حياة العراقيين وفي ضوء نتائجه ستتحدد معالم العراق الجديد وسيكون من المناسب والمهم جدا ان يعي العراقيين جميعا خطورة هذه الانتخابات والنتائج التي ستتمخض عنها ولابد من التأكيد والحرص على عدم الزج بوجوه مستهلكة واسماء تم تجريبها وثبت فشلها وضررها ولابد من مغادرة مرحلة الاحتراب والتصارع بين احزاب الشعارات الخادعة التي لم يجنِ منها العراقيين سوى المزيد من الانحدار تحت شماعة التخويف من عودة رموز النظام السابق والتخويف بعودة البعث ومن المهم الاشارة الى ان جيلا جديدا عماده شباب عراقي لم يخض في مثل هذه الصراعات ولم يرفع مثل هذه الشعارات لكنه شاهد ووعى مدى الخراب الذي ال اليه العراق جراء هذا التصادم وهذا التناكف وهذا الاحتراب وهو يريد ان يطوي هذه الصفحة وان يصنع املا ومستقبلا جديدا يليق بابنائنا الذين لن يسامحوا من يريد تقديم لصوص جدد لادارة الدولة او يسمحوا بالمزيد من هذا التراجع مع سقوط شعارات الكذب ومع وضوح صفحات الفساد ومشاهده ..امنحوا الفرصة لهؤلاء الشباب كي يعيدوا رسم خارطة جديدة لبلادنا تنهي آلامنا ومعاناتنا فهم اهلا للتغيير الذي ينشده الجميع .
د.علي شمخي
امنحوهم فرصة !
التعليقات مغلقة