القاهرة – كاظم مرشد السلوم
عام 2020 عام كبيس على مهرجانات السينما بلا شك، أغلبها تم تأجيله أو إلغاؤه أو اتجه للعرض الرقمي، قليلون نجوا، وأقاموا المهرجانات بشكل حقيقي، لكنه مخاطرة بلا شك مهرجان القاهرة واحد من الذين اختاروا التحدي والمخاطرة بإقامة دورته ال42
عشر أفلام رشحها النقاد تستحق المشاهدة في مهرجان هذا العام، مع رجاء من إدارة المهرجان الالتزام بكافة الإرشادات التي تحفظونها عن ظهر قلب للوقاية من الإصابة بوباء كورونا المتفشي دون أدنى شك في كل أرجاء الدنيا حاليًا، إذا شككت ولو للحظة أن هذه الإجراءات الوقائية غير مطبقة في المهرجان فلا تحضر، واحتفظ بالقائمة وستجد أن الأفلام متاحة آجلًا أو عاجلًا.
1. Undine
أحد أجمل أحلام عام 2020 السينمائي، محاكاة معاصرة لأسطورة عروسة البحر، ملحمة ألمانية من إخراج كريستيان بيتزولد أحد أهم المخرجين الألمان في العصر الحالي، ومن بطولة اثنين من أفضل ممثلي القارة العجوز، باولا بير وفرانز روجوفسكي. هنا يجمع بيتزولد بين موسيقى أليساندرو مارشيللو التي أعاد توزيعها باخ لتصبح إحدى أجمل معزوفات البيانو ربما في التاريخ، وبين قصة حب تنتقل من شوارع برلين التي تحمها تاريخها موصومًا على كل ركن فيها إلى بحيرات براندينبورج التي تحيط ببرلين من كل جانب.
الفيلم توج بجائزة أفضل فيلم باختيار الاتحاد الدولي لنقاد السينما FIPRESCI خلال فعاليات مهرجان برلين 2020، بالإضافة لجائزة الدب الفضي لأفضل ممثلة التي ذهبت عن استحقاق لباولا بير.
2. Nomadland
امرأة تخسر كل ما تملك في الأزمة الاقتصادية العالميةـ فتقرر أن ترتحل بعربة تعيش داخلها من ولاية أمريكية إلى أخرى، أعمال صغيرة مؤقتة ووقت أكبر للتواصل مع النفس ومع الطبيعة. هؤلاء هم بدو العالم الحديث.
حكاية تذكرنا بصريًا بأعمال ترانس ماليك، وسرديًا بحكايات الهروب إلى الطبيعة والبحث عن الذات، كل هذا في فيلم من بطولة واحدة من أفضل ممثلي العالم، فرانسيس ماكدورماند صاحبة جائزتي أوسكار وخمسة ترشيحات.
الفيلم الذي يمثل أحد أهم أعمال المخرجة الصينية شولي تشاو قد فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان فينيسيا، إضافة إلى جائزة أفضل فيلم في تورنتو باختيار الجمهور.
3. There is No Evil
حكايات منفصلة متصلة عن عقوبة الإعدام، تحفة محمد رسولوف التي من الصعب الكتابة عنها دون حرق بعض أحداثها وبالتالي تفويت المفاجأة والمتعة على الجمهور.
سنكتفي بالقول أن رسولوف هنا أمسك بلحظات إنسانية معتصرة في شريط سينمائي صُنع تحت التهديد. في فيلم لم يحظ صانعه بمشاهدته في عرضه الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي، ولم يشفع له أيضا في حمايته من الملاحقه بحكم سجن أصدرته ضده السلطات الإيرانية بتهمة تشوية سمعة الجمهورية الإسلامية.
وفي حقيقة الأمر إن أفلام رسولوف وغيره من مخرجي جيله هي من أنسنت المواطن الإيراني مرة أخرى، وقدمته كأخ في الإنسانية له نفس أحلام وآمال الإنسان في كل مكان في العالم.
الفيلم قد توج بالدب الذهبي في برلين كأفضل فيلم في المسابقة الرسمية.
4. Gaza mon amour
ربما لو كنا في مهرجان سينمائي آخر لكان ترتيب هذا الترشح متأخر قليلاً عن المركز الرابع، لكننا هنا وفي السياق العربي نمنح أهمية مضاعفة لفيلم الأخوين الفلسطينيين ناصر، والذي يحمل اسم غزة مون أمور.
التشابه يبدو هنا مقصودًا مع عنوان فيلم هيروشيما مون أمور للفرنسي آلان رينيه، لكن الأخوين ناصر وإن كانا يصنعان فيلمها أيضًا على خلفية قصة حب تحدث في بلد يعاني من الحرب والمستعمر، إلا أنه يختلف عن نظيره الفرنسي بأنه لا يهتم بالدراماتيكية قدر اهتمامه بالسخرية من كل ما يحدث، سخرية لا تنزع الشاعرية من الفيلم، ولا تمنع وجهته في نقد الأوضاع السياسية التي يحيا تحت وطأتها مواطنو غزة.
غزة مون أمور من بطولة هيام عباس وسليم ضو هو الفيلم العربي الوحيد الذي تم عرضه خلال فعاليات مهرجاني فينيسيا وتورنتو معًا في عام 2020، وفي القاهرة هو ضمن أفلام المسابقة الرسمية.
5. The Father
فيلم آخر وثنائي تمثيلي عظيم آخر، أنطوني هوبكنيز وأوليفيا كولمان، فيلم عن الكبر، الزمن، النسيان، الذاكرة، والحقيقة والخيال، عن نص مسرحي للفرنسي فلوريان زيلر.
هل زيلر كاتب مسرحي مبهر؟ نعم بلا شك، هل هوبكنيز يقدم أداءً أوسكاريًا هنا؟ معظم التوقعات تشير إلى ذلك، لكن هل الكاتب الفرنسي مخرج سينمائي على نفس القدر من العظمة، هنا يأتي السؤال الذي ينتظر مشاهدتك شخصيًا للإجابة عنه.
الفيلم يفتتح فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الحالية، وهو اختيار موفق إلى حد كبير.
6. Lift like a girl
الفيلم التسجيلي الوحيد في قائمة ترشيحاتنا، وأحد فيلمين مصريين نرشحهما للمشاهدة في مهرجان القاهرة هذا العام، إذا كنت مُتعبًا بشكل حقيقي من الإنتاجات المصرية السينمائية والتليفزيونية منزوعة الدسم والهوية والتي تتحدث عادة عن أحلام وقضايا شعب آخر، فهذا الفيلم هو ما سينسيك ذلك، هنا تقدم مي زايد في فيلمها البديع رحلة فتاة سكندرية ترفع الأثقال، رفقة مدرب يجمع فتيات ليدربهم من أجل الحلم الأوليمبي بإمكانيات محدودة أو حتى بدون إمكانيات على الإطلاق في أقوال أخرى.
هل هذا فيلم رياضي؟ هل يشفع لذلك ظهور البطلة المصرية الشهيرة نهلة رمضان بعبايتها السمراء بعد أن توقفت عن المنافسات؟ أم أنه فيلم عن المصريين الذين يحاولون إيجاد سياق في دولة بلا سياق؟
الإجابة قد تختلف من مشاهد لآخر، لكنها بالتأكيد ستكون بعد رحلة ممتعة مع مصريين حقيقيين في الفيلم الذي نافس في المسابقة الرسمية لمهرجان تورنتو هذا العام، كما ينافس هنا أيضًا في مسابقة القاهرة الرسمية.
7. Servants
فيلم المخرج التشيكي إيفان أوستروشفسكي هو فيلم للكل ولا أحد، فيلم يتحدث عن معضلة الكل، هل نفعل ما نظنه الصواب أم نفعل ما هو مريح، لنا وللدولة والمجتمع والناس بصوت فناننا الخالد سمير الإسكندراني؟
هو بهذا الشكل للجميع، لكنه قد يكون للا أحد بسبب أسلوب السرد الذي استخدمه المخرج، الفيلم غير مريح على الإطلاق، وهذا ما يشعر به أبطاله الذين يعيشون في دولة شمولية تعد عليهم أنفاسهم، إذا أردت أن تشاركهم هذه التجربة وإذا كنت من محبي اللونين الأبيض والأسود، فسيتم مكافأتك في نهاية مدة الفيلم بتحفة فنية حقيقية، الفيلم مدته ساعة وثلث فقط وهكذا تصبح مهمتك أسهل.
8. The Disciple
سنظلم هذا الفيلم إذا ما وضعناه في خانة الأفلام الموسيقية الهندية، الموسيقى هنا أشبه باستخدام الموسيقى في تحفة الأخوين كوين Inside Llewyn Davis، والمقاربة هنا تبدو ذات معنى بشكل كبير.
في هذا الفيلم يجتمع الأوسكاري المكسيكي ألفونسو كوارون كمنتج منفذ مع مخرج هندي موهوب هو شيتانا تامهاني، سردًا بصريًا متمهلاً تأمليًا، ولحظات ترسم خطوة بخطوة صورة عن علاقة ساحرية بين البشر وعالم الميتافيزيقا.
الفيلم قد حصد جائزة أفضل سيناريو من مهرجان فينيسيا 2020، إضافة إلى جائزة الاتحاد الدولي للنقاد FIPRESCI.
9. New Order
هل تذكر مشهد عيد الميلاد في الفصل الأخير من فيلم Parasite، هذا فيلم مكتمل يشبهه. في الفيلم الجديد للمخرج المكسيكي ميشيل فرانكو.
النقد الاجتماعي العنيف للمجتمع الرأسمالي سمة غالبة على مجموعة من أهم الإنتاجات السينمائية في عام 2020 وفي آخر 5 سنوات بشكل عام، هنا يأخذ فرانكو المبادرة للتحرك من مربع النقد العنيف إلى مربع النقد الذي قد يتم وصفه بالوحشية، لكن هل يشاهد من يملكون المليارات هذه الأفلام؟
الفيلم قد حصد جائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان فينيسيا لعام 2020.
10. The Best Is Yet to Come
الفيلم العاشر في قائمتنا هو فيلم صيني يبحث عن الحقيقة وراء فضيحة طبية تؤثر على حياة 100 مليون إنسان، لا ليس وباء كورونا، نحن نتحدث هنا عن الالتهاب الكبدي الوبائي. الصين ليست مستعمرة للأمراض المعدية وفقط، لكنها أيضا مستعمرة للسينما الملحمية، تشينج وانج هنا هو أحد أبناء هذه المدرسة.
الفيلم يذكرنا كثيرًا بتحف هوليوودية عن الصحافة الاستقصائية، بشكل خاص فيلم كل رجال الرئيس، لكن الفارق هنا أن السياق الصيني يبدو بالنسبة لكثيرين بعيد تمامًا عن المعارضة والنقد وكشف الفضائح، لكن صدق أو لا تصدق، هناك الكثير من هؤلاء في بكين.
الفيلم قد عُرض في المسابقة الرسمية لكل من فينيسيا وتورنتو هذا العام.
تنويه خاص
حظر تجول -curfew
على شاكلة لجان التحكيم بالمهرجانات نقدم هنا تنويهًا خاصًا بفيلم حظر تجول، الفيلم المصري الروائي في المسابقة الرسمية. هل نملك ما يدفعنا لترشيح الفيلم على المستوى الفني؟ ليس بشكل مكتمل، نأمل أن يستحق الترشيح والمشاهدة بالطبع، ننتظر ما سيقدمه أمير رمسيس الذي أصبح أحد الأسماء المتحكمة في مهرجان الجونة منذ إنشائه، أمير سينيفيللي بشكل أكيد، لكن أين مشروعه السينمائي؟ هذا ما ننتظره.
الفيلم يضم إلى جانب عدد من الممثلين المصريين المعتادين في الأفلام المصرية التي تحاول عادة أن تجد مكانًا لها في المهرجانات، وجه جديد على السينما المصرية، لكنه وجه خبير على المسرح الفلسطيني، الممثل الفلسطيني الموهوب “كامل الباشا” الفائز من قبل بجائزة أفضل ممثل في مهرجان فينيسيا عام 2017.
فيللينيالتنويه الأخير هو أن مهرجان هذا العام سيشهد عرضًا خاصًا لأفلام الساحر الإيطالي فيلليني، لا تفوت هذا إذا كنت تحب السينما، إذا كان يمكننا وصف فيلم سينمائي واحد بأنه حلم فسيكون في رأيي هو فيلم ثمانية ونصف لفيلليني