للوهلة الأولى يضعنا المخرج سام مندس في فيلمه الجديد 1917، إمام دهشة بصرية على مدى وقت الفيلم البالغ ساعة و 59 دقيقة، إذ نعتقد اننا امام فيلم من لقطة واحدة، اي ما يطلق عليه « ONE SHOT»، لكن سام مندس يوضح فيما بعد ان الفيلم لم يكن لقطة واحدة، بل يتكون الفيلم من لقطات طويلة عدة تم توصيلها بأقل قدر ممكن من المونتاج لإثبات أنها لقطة واحدة متسلسلة، حيث كان يتعين في بعض الأحيان توصيل الكاميرا بالكابلات أو السيارات أو الدراجات النارية أو الرافعات لضمان سهولة الحركة واخترعت كاميرا صغيرة لهذه المناسبة لتكون قادرة على التدخل في الخنادق.
أفلام اللقطة الواحدة او ال one shot ، عديدة ومعظمها قصيرة ، لكن الفيلم الطويل المهم الذي صور بلقطة واحدة هو فيلم « السفينة الروسية ، للمخرج سكاروف، حيث صورت الكاميرا وعلى مدة ساعة و34 دقيقة فيلما رائعا، أضطر سكاروف لإعادة التصوير مرتين قبل ان يتمكن في المرة الثالة من تصوير فيلمه بلقطة واحدة ، ولم يخضع الفيلم لأي مونتاج، برغم مرور مئات الممثلين أمام الكاميرا ، حيث يستعرض الفيلم تاريخ روسيا لمدة 300 عام مضت ، من خلال دخوله في المتحف الروسي الكبير.
مندس في فيلم 1917 يسرد لنا قصة جنديين شاركا في الحرب العالمية الأولى ، حيث المعارك على أشدها مع تراجع القوة العسكرية النازية الألمانية، إذ يُكلف الجنديان بإيصال رسالة خلف خطوط العدو الى القوات التي تستعد لشن هجوم كبير على القوات الألمانية ، فحواها ان أوقفوا الهجوم لأن ثمة مكيدة المانية أعدت مسبقا، لتبتدئ رحلة الجنديين وسط مخاطر جمة ، فيفقد احدهما حياته في حين يصل الآخر في اللحظات الأخيرة وينجح في وقف الهجوم.
مندس وبطريقة إخراجية رائعة يأخذنا في أجواء الحرب مارا بمناطق جميلة دمرتها الحرب، وبذل جهدا كبيرا في رسم خطة رحلة الجنديين، حيث كل شيء مرسوم بدقة متناهية ، أوحت الينا ان الفيلم من لقطة واحدة.
حكاية الفيلم ليست بالجديدة ، وأقصد هنا تكليف بعض الجنود بمهمة خلف خطوط العدو ، فقد سبق ان شاهدنا الفيلم المهم « إنقاذ الجندي ريان « للمخرج ستيفن سبيلبيرغ وبطولة توم هانكس
حيث يكلف احد الفصائل بمهمة انقاذ جندي خلف خطوط العدو اعادته الى عائلته بأمر حكومي بعد مقتل ثلاثة من أخوته، ولعل المشهد الافتتاحي للفيلم الذي بقي حديث الكثيرين لفترة طويلة، براعة سبيلبيرغ الاخراجية أستحق عليها جائزة الاوسكار لأفضل إخراج مع أوسكار، أفضل صناعة سينمائية، أفضل مؤثرات صوتية، أفضل صوت، أفضل سيناريو بعد ان ترشح ل11 جائزة.
1917 مرشح ل10 جوائز أوسكار ، بالتأكيد سيحصل على أحدها خصوصا جائزة أفضل إخراج، برغم المنافسة الكبيرة ، مع أفلام مثل الرجل الايرلندي، الجوكر، وغيرها.
كاظم مرشد السلوم