أزمة «تيار شهيد المحراب»، كالحامل ومخاضاتها

عادل عبد المهدي
وزير النفط السابق
في 28/10/2016 وقبل انعقاد الدورة نصف السنوية للهيئة العامة كتبت الافتتاحية ادناه وعنوانها «المجلس الاعلى، رصيد للشعب اساساً، وليس لنفسه فقط». اعتذرت عن الحضور انسجاماً مع موقفي بتجميد نشاطاتي. لكنني ومن باب المسؤولية مع اخواني واخواتي وازاء تيار عملت فيه خلال 35 عاماً، ضمّنتها (الافتتاحية)، ما يساعد لافضل الممكنات في الوحدة وسلامة المباني. اعيد نشرها عسى ان تساعد في اتخاذ الموقف المناسب لكل صاحب علاقة، ولفهم التطورات الحالية ومنها اعلان «تيار الحكمة»:
[«يحتل «المجلس الاعلى» دوراً بارزاً في الحركة الاسلامية والوطنية العراقية. انه ليس الوحيد، لكن ما يمتلكه قد لا يمتلكه غيره. قوى اخرى قد تمتلك مساحات اوسع في السلطات.. وعلاقات افضل بهذا المكون وتلك القوة او تلك الدولة.. وحضوراً اكثر في الشارع والعمل المسلح واعلامياً.. وعلى صعيد الكبار والشباب، والرجال والنساء.. او على صعيد المؤسسات والعمل المؤسساتي، والتياري، والحزبي والتنظيمي، وقس على ذلك. ما يمتلكه «المجلس» هو معدل جيد يفوق المتوسط لهذه الامور وغيرها. بل هو يتقدم على غيره في العديد منها. فهو متوازن، متعادل، برهن على قدرته العيش في ظروف مختلفة.. والتعامل مع حالات عديدة.. والعمل في ساحات متباينة. لذلك هو بالتعريف الاول كتيار وتنظيم، تشكيل متقدم، ووطني وشامل يعد من المرتكزات الاساسية للعمل السياسي الاسلامي والوطني. وهذا انموذج، يتطور باستمرار.. ويجب ان يحرص ابناء التيار ومنتسبوه على تطويره.. كما يجب على كل من يهمه تشكيل وعي سياسي متقدم، وتشكيلات متطورة، وممارسات توحيدية وطنية ترتقي بسياسات البلاد للامام، ان يعمل على تقدمه ونجاحه. فالقوى السياسية، ومنها «المجلس» جزء من الرصيد الوطني للامة والشعب، وانعكاس لروحها ومطامحها، ورافدة تضحياتها وبذلها، ومحفزة حراكها وادوات عملها الاساسية.
ليس سراً ان هناك تدافعات في صفوف «المجلس» بين جيل الشباب والشيوخ.. والمتشددين والمعتدلين.. ومؤيدي التوجه سريعاً للسلطة، ومؤيدي بناء مرتكزات متجذرة للعمل السياسي والاجتماعي.. وبين تيارات مختلفة دينياً او وطنياً او فلسفياً، وغيرها. وقد يرى البعض ذلك تفككاً او ضعفاً، بينما قد تبرهن الايام ان هذا دليل لحراك واصلاح. اذ بغض النظر عن التوجهات الصحيحة والخاطئة داخل هذه التدافعات، لكن مجرد وجودها هو دليل الحيوية والسعي لحل الاشكالات والتقدم الى الامام. فالتشكيلات التي لا تشهد تدافعات هي تشكيلات اما حديدية متكلسة، ستنفجر يوماً برغم وحدتها الشكلية.. او ان الحياة توقفت فيها، فتصاب بالسكون والموت.
ارست قيادة المجلس وتشكيلاته برئاسة «شهيد المحراب» قدس سره اسس التيار وانتماءاته وبناءاته الفكرية والفلسفية الاساسية. فاستطاعت السير بمشروع متعدد الجوانب، لتحقيق امرين اساسيين: تغيير النظام السابق، والانتقال بالاغلبية المظلومة من اسفل السلم الى اعاليه. واستطاعت قيادة المجلس وتشكيلاته برئاسة «عزيز العراق» طاب ثراه ان تضع «المجلس» في طريق الانتقال من مرحلة المعارضة الى مرحلة الدولة، فكان شريكاً اساسياً في بناء اللبنات الاولى للحياة الدستورية ولتشكيل ملامح مؤسسات الوضع الجديد. اما اليوم، فقد تقع على قيادة المجلس وتشكيلاته برئاسة السيد عمار الحكيم مهمة كبرى في انجاز مهمة اعادة بناء المجتمع Society building والدولة State building بما يتناغم مع مطامح ورغبات الشعب العراقي في اطار اوضاعه الاقليمية والدولية المعاصرة.
اذا كان «المجلس الاعلى» هو فعلاً متوسطا ناجحا لكمٍ كبير وايجابي من الامور المتعددة والمتشعبة، فان على النقاشات والتقيمات من خارجه ان ترى ما له وما عليه. فتنصفه في ايجابياته وتنصحه في سلبياته ونواقصه. بالمقابل، لابد لنقاشاته الداخلية ان تنجح في صنع توازناتها وكيميائها بنحو ينجح في اعطاء المنتج الناجح، لهذا الظرف ولهذه المرحلة.. فلا يغرق في الماضي من دون النظر للمستقبل.. ولا يغلب شريحة من دون موازنتها بشرائح مكملة.. ولا ينظر لساحة او قوة من دون ارتكازها لبقية الساحات والقوى.. ولا يحتكر موقعاً فتحرم عليه بقية المواقع.. ولا يحبس نفسه في فكرة او لحظة، فيخسر المنهج والزمان.. ولا يبني انموذجاً وسلوكيات ينتقد غيره عليها.. ولا يبحث عن الزبد، بل عن ما يمكث في الارض.»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة