بغداد ـ سمير خليل:
على مسرح الرشيد، وضمن توجهات مسرح الجسد، اتحفنا مجموعة من شباب المسرح العراقي بعرض شيق رغم سوداوية ثيمته ومأساويته، المخرج محمد كاظم وضعنا منذ بداية عرضه في عالم خاص، في مقبرة وسّورها بطقوس الموت وما بعده، مقبرة أورقت أرواحا مكتظة، بالقهر والوجع ضحية الموت المجاني. ربما اختار المقبرة ملعبا لعرضه، لأنها عالم متفرد، صاف، هادئ لا ثرثرة به، ولا نزق انساني، أرواح تناجي أرواحا.
اهتزت هذه الأرواح ورقصت معلنة احتجاجها وألمها، ورفضها الحروب والاحتلال وقهر الانسان، أرواح وضعتنا في قلب المأساة التي يعيشها الانسان في دنياه وفي آخرته.
في أول عرض للمخرج في مسرح الجسد تحدث الفنان الشاب محمد كاظم عن مسرحيته فقال:
اخترت المقبرة عالما لمسرحيتي، لأنني محتج على الموت المجاني بشكل عام. ولم أعتمد على حقبة زمنية معينة، لو رأيت في نهاية العرض نزلت صور لأحياء وأموات، المسرحية عنوانها grave ” القبر” خرجت منه أرواح احتجت تعاتب الأحياء، لماذا مازلتم تموتون بنفس الطريقة؟ متى تحتجون؟ الأحياء في الدنيا غير مرتاحين وحتى الذين في الآخرة، الذين يشاهدون ما يجري ويحتجون. نحن اختصرنا الموضوع، بأننا نفتقد الراحة في الحياة، وفي الموت، مازلنا نرى استمرارية الموت المجاني، الطقوس الأخرى، البخور وماء الورد خاصة بالمقبرة، الجو العام هو المقبرة، ولم نغادر المقبرة أبدا. وبالنسبة للأغاني والايحاءات فهي متنوعة بين العراقي والعربي والعالمي، لأنني عممت الثيمة منذ بداية العرض، الموت لا يتوقف في العراق فقط فهناك موت في سوريا ولبنان وفلسطين وفي كافة دول العالم، موت مجاني”.
وأضاف: الأزياء كانت محددة ورمزية، فاللون الرصاصي يختمون على اليد اليسرى واليمنى رقيب ورتيب، وهما من الملائكة، كلاهما رقيب ورتيب كما هو مذكور في القرآن الكريم، لأننا ما دمنا دخلنا بموضوع ما بعد الموت، فيجب أن نملأ كل ما يتعلق بذلك، والتصورات بوجود الملائكة، لدينا حساب وكتاب، أما الزي الأحمر، فيرمز لدم الشهيد الذي شيعناه، نحن لم نختر الشخصيات من فراغ، إن شاء الله رسالتنا عرضنا وصلت إليكم”.
بطلة العرض التي أبدعت حتى سقطت من الاعياء بعد المسرحية الفنانة الشابة تبارك حامد تحدثت عن المسرحية وشخصيتها فيها فقالت:
اتفقنا أنا والمخرج على معالم الشخصية، رغم أني لم أجسد شخصية واحدة، فمرة كنت الأم، ومرة الأخت، وأخرى بثياب عروس، ومرة بإيزار الصلاة. كل هذا تعدد شخصيات، أنا جسّدت شخصية كل امرأة عراقية أو عالمية، كل امرأة بالعالم أنا أهديتها هذه الشخصية، كل امرأة بالعالم عانت من فقدان، أخ، حبيب، صديق، أقارب. الحرب أخذت منا ما أخذت، أنا أملك أكثر من تجربة في هذا المسرح. في مسرحية طلقة الرحمة لمحمد مؤيد، الورشة المسرحية التي أقيمت خلال مهرجان المسرح العربي كانون الثاني الماضي بإدارة الفنان التونسي خالد أبو زيد، كما رافقت مسرحية طلقة الرحمة في مهرجانات قرطاج الدولي وفجر الدولي. وقريبا سنشارك في مهرجان حمامات سوسة، في القاهرة في مهرجان مسرحها التجريبي، شاركت في مسرحية تاء التأنيث ليست ساكنة حوار ورقص، لدي عدة تجارب في محافل دولية، بالإضافة لكوني أيضا طالبة في كلية الفنون الجميلة قسم المسرح، وحاصلة على جائزة أفضل ممثلة في الكلية”.
وأضافت: نحن بحاجة لمسرح الجسد، لأنها اللغة الأكثر مفهوما بالعالم، اللغة العربية والانكليزية، ربما بعض الشعوب لا تفهمها، لغة الجسد هي اللغة الواضحة لكل الشعوب”.
مسرحية ” grave” .. مقبرة تورق أرواحا تحتج على الحروب والقهر وظلم الانسان
التعليقات مغلقة