إرادة تشريعية وتنفيذية

عانت الكثير من القوى و التحالفات السياسية في الدورات الانتخابية الماضية من فقدان الدعم لمشاريعها من اجل اصلاح العملية السياسية على وفق نظام التصويت على القوانين والقرارات داخل قبة مجلس النواب وبقيت الكثير من مشاريع القرارات والقوانين في ادراج مكاتب الاحزاب او ادراج مكاتب اللجان البرلمانية او تم التراجع عن تقديمها بسبب هذا العائق التشريعي والسياسي ويبدو ان الكثير من هذه القوى ادركت مكامن القوة والحضور امام جمهورها وباتت تفكر بواقعية في اقتفاء مسار الاليات التي تمكنها من تحقيق الوعود التي تطلقها مع كل دورة انتخابية خلال حملاتها الاعلامية والانتخابية لذا فان خارطة التحالفات في الدورة الحالية اخذت ينظر الاعتبار نقاط الضعف والقوة في العمل التشريعي بما يمهد الطريق لاصدار قرارات عبر السلطة التنفيذية وفي الوقت نفسه فان حيازة مجموعة من الاحزاب والتحالفات مقدرات التمكين اذا صح وصفها وضع الكثير منها في موقف محرج امام الجمهور يتمثل في المطالبات بتنفيذ الشعارات التي طرحتها احزاب هي اليوم نافذة ومقتدرة داخل قبة مجلس النواب وسبق لها ان قادت حركة احتجاجات واسعة تمثلت بالتظاهرات والاعتصامات لتغيير الواقع السياسي في البلاد والوصول الى عتبات الاصلاح وهي اليوم تملك بيدها مفاتيح تغيير وتعديل الكثير من القرارات وقد حان الوقت كي نرى الشعارات قد أصبحت مشاريع قرارات داخل قبة مجلس النواب وتفعيل الوعود وجعلها حقائق قائمة وسيصبح من النفاق ان تتخلى هذه القوى عن وعودها او تنساق لإرادات سياسية اخرى تزاحمها ولاتريد لأية مبادرات ان تأخذ طريقها في سبيل الاصلاح ..وفي الوقت نفسه فان التمكين الذي تحقق لاحزاب وتحالفات داخل قبة مجلس النواب هو اختبار حقيقي لمصداقية رموزها وقادتها امام ملايين العراقيين فالكتلة السياسية التي حصلت على اغلبية الاصوات في مجلس النواب هي اليوم الاقدر على تنفيد مشروع الاصلاح وهي اليوم ايضا تتحكم بالارادة التشريعية والتنفيذية ومسارات التصويت على مشاريع القوانين والقرارات ولربما تشكل هذه المتغيرات في الخارطة السياسية الفرصة الاكبر لتلبية تطلعات الجمهور الذي يطمح بان يرى اجراءات فعلية على ارض الواقع تودع مرحلة الوعود والتنظير والدراسات وتشكيل اللجان التي لها اول وليس لها آخر .
وعلى الرغم من ان الدورة الماضية شهدت الكثير من الانسجام بين السلطة الا ان مشاريع اصلاح العملية السياسية واجهت التعثر والاخفاق في ظل غياب الحدود الدنيا للوصول عتبة التصويت كي تمر تشريعيا وتخرج من مجلس النواب الى حيز التنفيذ وهذا مايؤكد الحاجة الفعلية لوجود قوة تشريعية كافية لتمرير القوانين تتجاوز التحالفات الاخرى التي تجهض اية محاولات لتحقيق اختراق كبير في حسم الجدل والنقاش لملفات مهمة لها علاقة برفاهية المواطن العراقي وخروجه من محنته على الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية ومن المهم جدا ان تكون هناك مصارحات ولقاءات مباشرة بين الناخبين وممثليهم في مجلس النواب والسلطة التنفيذية من اجل المكاشفة وتحديد المعوقات التي تقف حائلا امام تقديم مبادرات تحظى بموافقة السلطة التشريعية لتمريرها وانهاء مرحلة الشلل والجمود الذي رافق الدورات الانتخابية السابقة .

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة