بغداد ـ صابرين الكاتب:
التعبير عن الرأي حق مشروع كفله الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة ( 38) ، وانطلاقا من هذا المبدأ وبعد مرور أكثر من ستة عشر عاما من الاحوال المتردية التي عاشها الشعب العراقي خرجت تظاهرات مليونية في بغداد وبقية المحافظات للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد.
تأخذ التظاهرات في جميع أنحاء العالم شكلاً واحداً للتعبير عن المطالب فهي عادة ما تكتفي بهتافات ورفع الشعارات، إلا أنها في العراق خرجت عن المألوف فقد عبر المتظاهرون عن أهدافهم ومطالبهم التي خرجوا من أجلها بطرق وأساليب أثارت انتباه واعجاب العالم أجمع ، كرنفالات وفعاليات أفرزتها هذه التظاهرات منها، نصب خيم وسرادق طبية لتقديم الإسعافات الأولية للمتظاهرين وأخرى لتقديم الطعام، وخيام لعقد ندوات تثقيفية يقدمها أساتذة متخصصون لنشر الوعي الثقافي بين المتظاهرين، مسارح مصغرة تعرض مشاهد وأحداثا تروي بطولات الشعب لفترات متعاقبة، ولأن الفن رسالة إنسانية مؤثرة في الأوساط الاجتماعية خاصة المجتمع العراقي الذي يعيش أوضاعا حرجة فقد عبر الفنانون عن أوجاعهم في بلد لم يحتويهم بلوحات فنية زينت جدران ساحات التظاهر، وكانت هناك حملات تنظيف للحفاظ على البيئة وحملات لتشجيع المنتوج المحلي، وانتشرت أيضا سرادق وخيام لعرض الكتب وفي شتى الاختصاصات في مشهد ثقافي لا يقل شأناً عن ما نراه في شارع المتنبي ، مشاهد عبر من خلالها المتظاهرون عن سلميتهم ومدى وعيهم وثقافتهم.
ومن بين هذه الفعاليات والنشاطات كان لجدار الأمنيات (معرض أحد للثقافة والفنون والإعلام) الذي أتخذ مكانا له في زاوية من زوايا بناية المطعم التركي الحدث الأبرز في الشارع العراقي ومواقع التواصل الاجتماعي والمحطة الأكثر إقبالاً من الجماهير، فلا يمكن لأي شخص يذهب الى ساحة التظاهرات من دون المرور بهذه المحطة الثقافية الفنية الغنية بمحتواها وأهدافها السامية وفي هذا المشروع قال الكاتب والإعلامي ستار الجودة:
دور المثقف هو تغيير الشيء إلى مفهوم ، تواجدي في التظاهرات يأخذ دورا مركبا، متظاهر أدافع عن مطالب الشباب ومثقف أشيع ثقافة السلم ونبذ العنف وفني من خلال إضافة الروح الفنية للمكان، هذا المكان الذي كان عبارة عن مرافق صحية ( محل مهجور ) عملت وبجهود ذاتية على تحويل الشكل غير الحضاري للمكان إلى مكان ثقافي فني وبالفعل باشرت وبتاريخ التاسع والعشرون من تشرين الأول صباحاً بهذا العمل وبجهود ذاتية، أثار العمل تساؤلات شباب المطعم التركي وعندما أخبرتهم بالفكرة وأهدافها دعموها وشاركوني في تجهيز المكان واليوم هم ضمن كادر المعرض، تعاون معي الشباب في تقديم الدعم من خلال نشره في مواقع التواصل الاجتماعي وقد منحني الإقبال الجماهيري الكبير الحافز لتقديم الأفضل لهذا المكان، هذا العمل هو رسالة حضارية ثقافية تعكس حقيقة التظاهر السلمي وهؤلاء الشباب الذين يحملون جينات الحضارات التي أنارت فكر الإنسانية للعالم أجمع هم من اسهموا بصناعة هذا الحدث الذي عرف بجدار الأمنيات، ويضم هذا العمل جناحا صغيرا لتعليم القراءة والكتابة بمشاركة الست سهى حيث تقدم دروساً للشباب المتظاهرين الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدرسة بسبب ظروفهم المعيشة الصعبة.
ملحمة عراقية ضحى فيها العراقيون بالنفس والمال وكرست فيها الجهود لإثبات قدرتهم على إدارة شؤون بلادهم والدفاع عنه.
جدار الأمنيات.. وبانوراما التحرير
التعليقات مغلقة