وزير النفط: 43 مليار دولار لمشاريع نفطية مشتركة كبرى باشرنا تنفيذها في المنطقة الجنوبية

العراق من رقباء أوبك للالتزام بقرار خفض الخام
القسم الأول
بغداد ـ الصباح الجديد:

على الرغم من ان ستراتيجية بناء وتطوير الصناعة النفطية في البلاد، تشغل قيادات وزارة النفط، بغية تحقيق التكامل فيما يمكن ان نسميه “الصناعة الثلاثية” التي تعني انتاج وتصدير النفط الخام وبناء القطاع التحويلي، الا ان ما تكشّف في حوار “الصباح الجديد” مع السيد ثامر الغضبان وزير النفط، يتمثل باهتمام الوزارة الكبير والاستثنائي لمشاريع استثمار الغاز، وتأمين استغلاله في مختلف مناحي الحياة في البلاد، سيما وان المشاريع التي تعتزم تنفيذها تتكلف عشرات المليارات من الدولارات التي يمكن معها تأمين إيرادات تغطي الانفاق وتؤمن حاجة البلاد، وتصدر الفائض بنحو مريح، ففي المنطقة الجنوبية على سبيل المثال تعتزم الوزارة تنفيذ مشروع متكامل يتكلف ما بين 42 و43 مليار دولار منه استثمار هذه الثروة التي تحترق الغالبية منها حاليا.
الغضبان الذي قضى سنوات طوال في العمل النفطي، ومنها التي صرفها قريبا من صنع القرار الحكومي، افضى في حوار خاص مع الصباح الجديد، بما تطمح اليه الوزارة عبر خطط اعدت بدقة يجري تنفيذها بهدوء ودأب.

إيقاف الهدر واستثمار الفائض
وكشف وزير النفط الغضبان في بدء الحوار، حاجة العراق لمصاف جديدة كمشاريع استثمارية، في وقت أكد فيه ان وزارة النفط تمكنت من تحقيق زيادة في توزيع الغاز السائل بنسبة 43%.
وقال الغضبان في مقابلة خاصة مع “الصباح الجديد”، أن “العراق اكتفى حالياً من الغاز السائل مع ان في 2019 فان نسبة استهلاك هذه المادة ستكون أكبر”، مؤكداً سعي الوزارة الى “معالجة مشكلات هدر الغاز أو تقليص عمليات الحرق الى الحد الادنى لزيادة المتوفر من الغاز وتزويد محطات الكهرباء والمنشآت الصناعية الأخرى، علاوة على استغلال ما ينتج منه فائض من سوائل مثل غاز الطبخ والمكثفات”.
وأضاف: “بدعم من الحكومة والجهات المعنية والمواطنين تمكنا من انشاء خمس منشآت كبرى لمعالجة الغاز”.
ومضى الى القول: “اننا عازمون على تطوير المصافي الحالية وزيادة سعتها وانشاء وتشيد منشآت معالجة الغاز بدلا من حرقه ما جعلنا نستورد هذه المادة التي يمكن أن نوفرها لمحطات الكهرباء ومادة مغذية للبترول وللصناعة الكيمياوية والاسمدة وغيرها”.
وبين الغضبان ان “وزارة النفط حريصة على انجاز مصفاة كربلاء التي تستهدف طاقة انتاجية تبلغ 140 ألف برميل يومياً من المشتقات النفطية، اضافة الى انتاجها نسبة أقل من النفط الأسود والذي يعني أننا سنستفيد من أكبر كمية من الخام لانتاج المشتقات لا سيما البنزين عالي النقاوة بنوعيه (94 و90)، اضافة الى انخفاض نسبة الكبريت في المنتجين زيت الغاز والنفط الأبيض (بمواصفات أوروبية “يورو5″)”.
وأوضح، ان “مصفاة كربلاء بالرغم من تأخر انجازها مع الأسف الشديد، بسبب هبوط أسعار النفط عالمياً والمشكلة الأمنية التي سببها داعش، من المخطط لها أن تكون جاهزة في منتصف 2021.. فلقد حفزنا الائتلاف المنفذ بقيادة هيونداي على مواصلة العمل وتسليم المشروع في الوقت المتفق عليه”.
ورداً على سؤال لـ “الصباح الجديد” فيما يخص البنية التحتية، قال وزير النفط: “نحن نسعى الى استثمار حقلين غازيين الأول عكاس في محافظة الانبار وحقل المنصورية في محافظة واسط اللذين تأجل العمل في استغلالهما بسبب داعش وما رافقه من أحداث.
وتعتزم الوزارة، بناء مشروع متكامل في المنطقة الجنوبية والذي من المخطط أن ينشأ بمعايير عالمية عالية”. واشار الى أن “هذا المشروع وهو في اللمسات الاخيرة يمثل مجموعة مشاريع كبرى تبلغ كلفتها الكلية نحو 43 مليار دولار (كلفة تشغيلية) تشمل فعاليات تطوير الضخ والنقل والتحميل والتصدير وشبكة الانابيب، ما يؤول الى انتاج نفطي يصل الى 6.5 ملايين برميل يومياً”.
وأوضح أن وزارته “تسعى ايضاً الى تطوير حقلي (أرطاوي وبن عمر) في المنطقة الجنوبية واستغلال الغاز المصاحب للعمليات النفطية في هذين الحقلين من خلال بناء مشروع متكامل لمنظومة المنطقة الجنوبية ما يعني اضافة منظومة جديدة إكتملت دراستها حالياً”.
وتابع الغضبان: “فضلاً عن سعينا الى بناء شبكة من الانابيب الغازية تربط المنطقة الجنوبية بالمنطقة الوسطى، لا سيما وان الوزارة طرحت مشروع (غاز السيارات) وهو استخدام الغاز السائل في المركبات في ظل الفائض من الغاز السائل المنتج في البلاد”، مشجعاً المواطنين “على تزويد مركباتهم بمنظومة الغاز؛ اضافة الى البنزين، لا سيما وان نحو 1800 سيارة اضيفت لها هذه المنظومة التي لا يستغرق وقت ربطها بالسيارة أكثر من ساعتين في ورش خاصة تابعة للوزارة لنحصل على وقود يكفي السيارة لنحو 480 كيلومتر بقدرة تعجيل عالية”.
وبين وزير النفط ان “العراق بأمس الحاجة للمصافي في وقت خرجت فيه مصفاة بيجي والتي كانت يشكل انتاجها ما نسبته 55% من الطاقة الانتاجية التكريرية الاجمالية للعراق من منظومة الانتاج بالكامل”.

زيادات مليونية تستوجب
رفع انتاج الوقود
وأشار الى ان “في بيجي كانت لدينا 3 مصافي اضافة الى مصفاة للدهون ووحدات انتاجية تخصصية ومنشآت أخرى، لذلك اعتمدنا على الاستيراد وخاصة لمادة البنزين واحياناً النفط الأبيض وصرنا أمام مشكلة تتركز في كيفية سد الفجوة فيما بين العرض والطلب لا سيما واننا لاحظنا زيادة في استهلاك مادتي البنزين وزيت الغاز (الكاز) الى مليونين لتر يومياً ما أشر عودة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة، وعليه فان الوزارة تحوطت لهذه الزيادة وهي ماضية في رفع انتاج الوقود بالرغم من توقعات بزيادة أكبر في السنة المقبلة الى ناحية الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية الأخرى”.
وأكد ان “المطلوب حالياً من وزارة النفط هو تصدير ما قدره 3880 مليون برميل يومياً بضمنها 250 ألف برميل من اقليم كردستان، في ظل الأجواء الودية والايجابية التي تجمع بغداد وأربيل بشان الصادرات، على أمل أن نتوصل الى آلية أفضل بخصوص هذا الاتفاق”.
وفي محور الاستثمار، قال وزير النفط ان “العجز في الموازنة عادة ما يؤثر على الاستثمار.. مهمتنا تتركز في خلق فرص استثمارية في العراق، إذ يمكننا وضع جدول بالاستثمارات وآخر بالفرص الاستثمارية، والسؤال هنا: كيف يستطيع المشرع العراقي والسلطة التنفيذية العمل على تطوير البيئة الاستثمارية بالنسبة للقطاع الخاص المحلي والاجنبي؟.
وأشار الى “ضرورة اطلاق قدرات القطاع الخاص؛ لاننا لغاية الآن فشلنا برؤية آثار ملموسة للخطط بهذا الاتجاه، الفشل نتيجة مجموعة القوانين المتراكمة والتي يعد قسماً منها غير مشجع هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى مشكلة اطلاق المخصصات.. الأمر الذي يراد له صياغة أدبيات العمل، فمفاتحة المستثمرين بشكل مباشر يحقق نتائج ملموسة من خلال خلق بيئة مناسبة للمستثمر”.
وأكد: “من خلال العمل لـ 8 سنوات داخل الجهاز الحكومي كمستشار، واطلاعنا على مفاصل الدولة، وجدنا ان ثمة من يتعامل مع المستثمر كأنه مصدر للغنى والثراء في حين ان من المفترض على مستوى الهيئات المحلية أن تكون خادمة للمستثمر، فهناك دول كثيرة سبقتنا في حلّ هذا الاشكال، فمصر مثلاً وضعت خارطة استثمارية طرحتها بكل شفافية على شبكة الانترنيت.. الهيئات المصرية الوطنية أو محلية في دولة نجح فيها الاستثمار نجد ان المستمثر يتصفح المواقع على الشبكة ليجد ما يريده من المعلومات الغزيرة عن المراد الاستثمار فيه من مشاريع وكنز من البيانات التي يمكن من خلالها يمكن للمستثمر اتخاذ القرار”.
واستدرك: “عندما نطلع على خطط الاستثمار في العراق وهي خطط مهنية، نجد اننا لم نحقق نشاطا كبيرا بهذا الخصوص، فعندما كان سعر البرميل يفوق الـ 100 دولار واستمر ذلك لمدة 3 سنوات ما حقق وفرة مالية رأينا ان وزارات أعادت مبالغ مخصصة لها الى الخزينة وهذا نتيجة القوانين والروتين وتاثيرات منظومات هذه القوانين والايادي المكبلة لاطلاق العمل والانتاج”.
ونوه وزير النفط الى أن، “الآن وبغض النظر عن الموقف تجاه جولات التراخيص، فهناك زيادة كبيرة في الانتاج والتصدير حدثت منذ عام 2010، لدينا زيادة انتاج في أوبك التي مضطرة حالياً لخفض الانتاج والتصدير للحفاظ على السعر، ومن خلال ذلك نجحنا في دول أوبك وخارجها في قرار خفض الانتاج نحو 1.2 مليون برميل يومياً لقطع حالة هبوط الاسعار واستقرارها عند 66 و67 دولاراً للبرميل”.

النجاح الكبير في الاوبك
ورداً على سؤال آخر لـ “الصباح الجديد”، قال الغضبان، ان “العراق لعب في الاجتماع الأخير لأوبك دوراً ايجابياً كبيراً ما نجم عنه انضمامه الى لجنة المراقبة الوزارية في المنظمة لأول مرة في تاريخه”، مبيناً ان “من المعروف أن مهمة هذه اللجنة هي مراقبة مدى التزام الدول أعضاء المنظمة والمنتجين خارجها باتفاق التخفيض”.
وأضاف: “في تشرين الأول 2016 توصلت الحكومة العراقية الى قرار خفض الانتاج بمقدار 4.5 بالمئة بما يساوي 220 ألف برميل يومياً، لكن عندما وضحنا نسبة الانتاج العراقي الحقيقية لأوبك، في تشرين الثاني 2018، انخفضت نسبة التقليص الى 3 بالمئة ما أوصلنا الى انتاج 4.510 ملايين برميل يومياً”.
ومضى الغضبان الى القول: “نجحت دول أوبك ومن ضمنها العراق اضافة الى المنتجين خارجها، في كانون الأول الماضي، بالخروج بقرار خفض الانتاج بمعدل 1.2 مليون برميل يومياً، إذ تمكنت من ايقاف الهبوط السريع لأسعار الخام”.
وفيما يخص ستراتيجية بناء وتطوير الصناعة النفطية في العراق، قال الغضبان ان “الصناعة النفطية العراقية هي صناعة عريقة، وفي السابق حيث كانت المخصصات مرتكزة على النفط الخام انتاجاً وتصديراً بالدرجة الاساس، لكن، وبالتحديد في سبعينيات القرن الماضي، حدثت نقلة بخصوص التنويع.. المزيد من استثمار للغاز (غاز الشمال والجنوب) وبناء سلسلة من المصافي كمصفاة بيجي وتطوير طاقة مصفاة الدورة الأقدم والذي شيد في 1959 وطور مع مرور الزمن، صار من الممكن الحديث عن ما نسميه “الصناعة الثلاثية” انتاج وتصدير النفط الخام وبناء القطاع التحويلي اضافة الى قطاع التوزيع.
وأضاف، ان “وزارة النفط كانت واعية الى ضرورة ايجاد نشاطات اخرى تضاف الى الجهد الهندسي لذلك اسست الشركة العامة للمشاريع النفطية وهي الآن شركة المشاريع النفطية والتي تمتلك عقلا هندسيا لانشاء التصاميم وأيادي تشييدية متخصصة في تنفيذ المشاريع النفطية، يقابل ذلك تأسيس شركة الحفر المسماة اليوم شركة الحفر العراقية وهي اجراء تنفيذي لوزارة النفط بما يتعلق بحفر الآبار، فضلاً عن انشاء معهد التدريب النفطي لخلق موارد بشرية”.
وأردف، ان “العراق عاني خلال 30 سنة الماضية من مشكلات ثلاث بخصوص التصفية والغاز، ففي تلك السنوات كنا نعمر ما دمر من منشآت نفطية تاثرت بالحرب العراقية الايرانية وحرب الـ 91، والعمليات التخريبية التي رافقت أحداث العام 2003 وما اصاب المنشآت من دمار ونهب وسرق المعدات وغيرها، وبذل المزيد من الجهد والأموال.. حتى وصولنا الى أحداث التي جاء بها داعش، لذا فان لدى الوزارة خطط وبرامج نسعى لأن تكون سريعة التنفيذ”.
….. يتبع

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة