تتعرض الامم في مراحل عديدة من مسيرتها الى محطات اغتراب ..تماماً مثل حياة الانسان حين يفقد الاتصال بمكنوناته الحياتية التي تشكل منها ..واذا كانت هذه الامم تملك حضارات اثرت في حياة الانسانية فان اغترابها سيكون اصعب واكثر الما ..في زمن معلوم وجد المصريون انفسهم وقد انقطع بهم نسغ الاتصال والتواصل مع بلادهم وامهم.. مصر العظيمة وموروثها الحضاري ..مصر الفرعونية والاسلامية والقبطية والمملوكية والملكية والجمهورية..ولطالما اعتاد المصريون على التعشق والتألق بدورهم الريادي في خارطة المنطقة ..وفي غفلة من الزمن لم يجد المصريون امهم كما تحدث عنها التاريخ وكما تحسسوها في تراثهم وحكاياتهم ..فقد اختصر الاخوان المسلمون هذه (البانوراما) الطويلة من التنوع والتعدد وهذا الارث الانساني الكبير بلوحة واحدة اصروا على ان لايشاركهم احد برسم معالمها حتى افاق المصريون على بلاد لم تكن هي بلادهم ..فلم يجدوا مصر ..ولم يكونوا في سكتها …!!
ويمكن القول ان (الاخوان) بسياستهم هذه كانوا خارج الزمن ..وكانت اصعب المحطات في تاريخ مصر هذه المحطة التي عاش في ظلها المصريون اغتراباً قاسياً ..لربما حاولت دول وجهات تعميق الجراح فيها اكثر واكثر حنقاً وحقداً وحسداً من مصر وتاريخها وألقها..!!
وكان لابد لمن يملكون مثل هذا النسغ الانساني الحي ان يقرروا المصير قبل الوصول الى المجهول …!!!
وكان لابد ان يكون التصحيح بمستوى هذا التاريخ وهذا الارث ..وكان لابد ان تكون مصر هي الأنموذج لانها رائدة ..!! وبرغم التضحيات التي قدمها المصريون قرباناً لهذا التصحيح ولهذه الغفوة ..!! ولهذه الغفلة ..!!
فان النتيجة كانت مبهرة بكل المعاني ..والاصرار والتحدي كان حاضراً في كل مراحل التصحيح ..ولربما كان المصريون محظوظين كثيراً في العطاء الالهي عندما هيأ الله لهم السبل بخروج آمن من هذه الغمة وهذه الظلامة ..في مرحلة كانت مصر فيها مهددة بالتمزق والتقسيم ..مثلما كانوا محظوظين بوجود نخب قيادية مثل المشير عبد الفتاح السيسي وعدلي منصور امتلكت القدرة على استيعاب ماحدث بكل حنكة فقررت من دون أي تردد الوقوف مع مصـر واهلها وتاريخها مهما كانت النتائـج ..اليـوم يمكـن القول بكل ثقة ان مصر وجدت نفسها …!!
وهي ذاتها مصر التي في خاطري وخاطر كل عربي وخاطر كل محب وعاشق لبلاد النيل في ارجاء المعمورة …..!!