أَموالُنا رُدتْ الينا

عبد الزهرة محمد الهنداوي

ربما كان اشبه بالحلم الذي يراود النائم في منامه .. كان حلماً ان تخرج قوات الاحتلال الأميركي من العراق لان امراً من هذا لم يحدث في بلدان سبق لأميركا أن احتلتها ثم خرجت منها من دون ان تترك لها قواعد مترامية الاطراف او انها ترهن قرارها بجميع اتجاهاته بيد البيت الابيض او البنتاغون او وكالة المخابرات الأميركية (السي اي ايه) .. ولكن في العراق كان الامر مختلفاً فقد تحقق الحلم وخرجت قوات الاحتلال تاركة اهل البلد يقررون مصيرهم بايديهم ،ولكنهم وللاسف الشديد لم يتمكنوا حتى هذه اللحظة من ادارة الامور بنحو سليم فما زال البعض يخفي خلف ظهره سكينا ليطعن بها الاخر الامر الذي شجع داعش والغبراء واخواتهما على ان تعيث في ارضنا قتلا وتدميراً .. وكان الحلم الاخر الذي راودنا طويلا ان نخرج من طائلة الفصل السابع وما جره على العراق من قيود تمنعنا من التحرك بحرية .. ثم مالبث هذا الحلم ان تحقق وكان شهر حزيران من عام 2013 شاهداً على ذلك …ولم يتوقف الامر عند ذينك الحلمين انما ثمة احلام اخر فهي كثيرة في بلدنا الذي لم يرث من النظام المباد سوى الخراب والدمار ورهن الارادة بيد الاجنبي .. فقوات المارينز الأميركية ماكان لها ان تقطع الاف الكليو مترات وتسقط النظام وتحتل العراق بسرعة البرق الا بسبب السياسات الرعناء لذلك النظام الذي ادعى انه تمكن من صنع القنابل النووية التي سيحرق بها المنطقة فكان ذلك مبرراً لأميركا لان تقوم بالغزو وكان ماكان من تداعيات دمرت البلد واتت على ماتبقى فيه من علامات الحياة البائسة .. ودخول الفصل السابع ما كان ليكون لولا عنجهية النظام وغزوه الكويت عام 1990 فكان من الاجراءات التي اتخذتها الامم المتحدة ومجلس الامن هو ادخال البلد تحت طائلة هذا الفصل فلم يعد بامكان النظام ان يحيص او يبيص حتى ركلته اقدام المارينز ! .. لنكتشف انه خلف لنا ديوناً متلتلة تجاوزت الـ(120) مليار دولار بعد ان كان الفائض النقدي لدى البنك المركزي قبل اندلاع الحرب مع ايران اكثر من (80) مليار دولار .. فكان ملف الديون واحداً من اعقد الملفات التي واجهت الوضع الجديد ولولا تدخل الادارة الأميركية والضغط على الدول الدائنة سواء كانت حكومات او شركات او اشخاصاً ودعوتها للانخراط في اتفاق نادي باريس لتسوية ديونها على وفق صيغة قانونية مناسبة لما تحققت تلك النتائج في هذه العملية حيث وافقت اغلب الدول على شطب ديونها ، طبعاً ليس لسواد عيوننا برغم ان اغلبها سوداء فعلا والدليل القصة المعروفة لناظم الغزالي مع ام العيون السود وعدم قدرته على التخلي عنها لاسيما وان خدها كان بمنزلة القيمر الذي يأكله في (الريوك) مع الدبس او العسل !! فالقيمر والدبس والعسل وربما المربى العراقي ذو الطعم المميز هي التي دفعت الدول الدائنة الى الموافقة على اتفاقية نادي باريس .. المهم بالنسبة لنا ان ملف الديون تم تفكيكه فيما بقيت الشقيقة الكويت تلحس بالدبس والعسل والقيمر مع الصمون الحار بهدوء وبمعدل (5) في المائة من مبيعات (القيمر العراقي الممزوج بالدبس) ذي اللون الاسود طبعا !! .. 

كل تلك الملفات حسمت .. ولكن المشكلة الاكبر التي بقيت عالقة هي ادارة الاموال العراقية فهل يستطيع بلد محتل لايملك القدرة على اتخاذ القرار ادارة امواله لاسيما انه يعد واحداً من اعلى بلدان العالم تصديرا للنفط وان امواله تنمو وتتكاثر كما الامبييا بالانشطارالمتتالي ! بالتأكيد ليس الامر سهلا فجاء قرار قوات الاحتلال بانشاء صندوق تنمية العراق (DFI) عام 2003 من اجل حماية اموال العراق وثرواته من عبث العابثين ففي تلك الفترة تقدم الكثير من الاشخاص والشركات والدول بعضها كان صادقاً واغلبها كاذب بعد ان وجدوا الفرصة مؤاتية للقيام بعملية (فرهود) منظم للاموال العراقية بدعوى انهم تعرضوا لاضرار من جراء سياسات النظام السابق ! .. وبعد مضي احد عشر عاماً على تولي الادارة الأميركية لاموالنا مقابل 400 مليون دولار .. وبعد ان تم حسم كل الملفات ذات العلاقة وتجاوز العراق للكثير من المطبات والاشكالات اصبح لزاماً ان تتنهي هذه الولاية ليتولى اهل الدار حماية اموالهم ويكون القرار متكاملا سياسياً واقتصادياً وعلى هذا الاساس لم تطلب حكومتنا من نظيرتها الأميركية تجديد الحماية عاما آخر فاعلن اوباما انتهاء الحماية .. والسؤال هنا هل سينجح العراقيون بادارة وحماية اموالهم .. الدلائل تقول نعم قادرون ولكن ذلك مشروط بصفاء النية فهذه اموالنا ردت الينا ونحن اولى بادارتها من غيرنا فاهل الدار اولى بالذي فيه ..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة