علي عبد العال
في الوقت الذي ظهرت فيه ثمرة الانتخابات البرلمانية الأخيرة ومدى انعكاسها على حياة المواطن اليومية ومصدر رزقه ومن ثم الرؤية الواضحة المرتقبة للنواب الذين صوّت لهم الشعب، ومشروعية مطاليبه بنيل حقوقه الأساسية التي تتلخص بعيشه الكريم المنشود، وبالأخير مقدار الاستقرار المنشود للأوضاع الأمنية في شتى مناطق العراق التي تسلب وتحصد أرواح الأبرياء من دون حساب. في صلب هذا المفصل الأمني الدقيق وممن خلاله سوف نرى نتائج الانتخابات الحقيقية على أرض الواقع؛ وهل ستؤدي هذه النتائج إلى تناحرٍ أم تفاهمٍ؟ نأمل أن يكون الخيار الأول هو الخيار المفضّل من قبل جميع الأطراف.
سوف تنعكس نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة على الشارع العراقي، وخصوصا العاصمة بغداد بصورتين لا ثالثة لهما، إما استمرار التفجيرات والسيارات الملغمة والقتل العشوائي، وهذا الاحتمال ضعيف لكنه وارد على أجندة العصابات المرتزقة التي تغذيها بعض الأطراف الخارجية، وإما الاحتمال المتمثل بالتسليم بالنتائج الرسمية المعلنة التي شهد بنزاهتها غالبية المراقبين والجهات المختصة وبالتالي الذهاب لتأسيس حكومة سياسية ذات أغلبية تقود المرحلة المقبلة.
نظام الحكم بالعراق الجديد يتجه رويدا نحو تشكيل ملامح ديمقراطية على أدنى المستويات. بيد أن المعوقات التي تقف أمامه كبيرة وضخمة ليس من السهولة بمكان تخطيها دفعة واحدة. لا يمكن التعويل على الأحزاب الطائفية والدينية من جميع الأطراف على إنتاج عملية سياسية ديموقراطية حقيقية وصحيحة من دون تسليم الوزارات، خصوصا الانتاجية والعلمية والاقتصادية والنفطية والإنشائية إلى كفاءات علمية أكاديمية ليس لها تحزبات طائفية أو عرقية.
بغض النظر عن جميع هذه الإشكالات والتنظيرات والتوقعات المرتقبة سوف تظهر ملامح الحكومة القادمة في المطبخ السياسي العراقي. ينتظر المواطن العراقي تذوق طعما طيبا ومختلفا هذه المرة متمثلا بالسلم الاجتماعي والوئام الطائفي والقومي. النتائج التي أفرزتها الانتخابات سوف تتمثل بفرض الأمر الواقع على الأرض. ضاق الحيّز السياسي لرجال الطوائف المغرضين والمزيفين، ورجال الأحزاب المنقرضة الذين تحولوا بقدرة قادر إلى مفتين ورجال دين وكان الواحد منهم يرقص ويردح بين أحضان الغجريات مع عدي وقصي وغيرهم من «الأخيار» الذين دمروا العراق أبشع تدمير. مع ذلك لا يستسلم الخارجون عن القانون بسهولة، ويبقون يماطلون ويشاكسون ويعبثون بأمن الوطن بشتى الأشكال وجميع الظروف والفرص السانحة.
لدينا اليوم من «الأخيار» ممن ينعمون بالسلام والأمن والطمأنينة على السواحل البعيدة عن العراق ومشاكله وزبائله وفقرائه يؤججون العداوة والبغضاء ووضع العصي في عجلة المستقبل الديموقراطي للعراق وهم في الدولة والسلطة. ساسة العراق الجديد ربما بحاجة لحبوب «فياغرا ديمقارطية» تساعد العجز الديقراطي الرجولي عندهم.. ربما؟