تجار السلاح بالمفهوم السياسي الحديث هم الحلقة المتأخرة وليست الأخيرة لسلسلة تجار الرق والعبيد في العهود السابقة، يصاحبهم تجار المخدرات على الصعيد العالمي. لنكن على يقين كامل أن هذه النوعية من البشر هم الأكثر إجراما من المجرمين العاديين ذاتهم، وأكثرهم فتكا بالناس والبشرية وضرب جميع القوانين في جميع أصقاع العالم. هم عبارة عن وحوش بشرية همجية ضارية ترتدي البزات المخملية ويظهرون للناس في الجمعيات الخيرية بأروع المظاهر الإنسانية المتواضعة التي يجللها رداء الدين ومن يصاحبهم من القساوسة والعمائم البيضاء والسوداء على السواء، وبالتالي طبقة المثقفين المتهافتين، والمفتين من رجال الدين المشعوذين.
وربما هم يجلسون تحت قبب البرلمانات بالمركز والإقليم وسائر حكومات الدول الأخرى. وربما منهم من يتنسم مناصب وزارية بالدولة والإقليم، بل حتى منصب رئاسة الوزارء كما في إيطاليا بيرلسكوني وهو رجل مافيا يقضي عقوبة مهينة بكنس الشوارع بينما تتحكم المافيا التي ينتمي لها بجميع مرافق الدولة. إنهم يتلاعبون بتنصيب الوزراء وإقالتهم، وكذلك الدمى البرلمانية من الرجال والنساء الذين يخضعون لهم بالولاء المطلق. البرلماني والوزير “المستقل” أكذوبة قديمة جدا، لكنها تبدو جديدة ولها لذة خاصة عندما تُمارس بالعراق الديمقراطي الحديث العهد بالتجربة الديمقراطية، فتبدو الأبواب مفتوحة على مصاريعها لهذا الرهط الغبي من الساسة المحليين التافهين الذين تعمي أعينهم الأموال أكثر من النظر إلى المشاكل الاجتماعية والسياسية الخطيرة التي تحيق بهم شعبيا ووطنيا، فهم يدركون جيدا أنهم زبالة سرعان ما تجرفها الأزمات البسيطة، لكنهم يمتلكون رصيدا متخم الجيوب من أموال الشعب الحرام.
تجار السلاح من الأكراد، لا علاقة لهذا الأمر بالهوية، كانوا قبل أشهر قليلة يبيعون الأسلحة والمعدات لقوات داعش بالموصل بملايين الدولارات. إنهم تجار سلاح بالأخير. تجار السلاح لا تربطهم بالواقع الاجتماعي هويتهم القومية، تربطهم روابط المال والأهداف السياسية الخبيثة التي تتيح لهم كسب المزيد من رجال السلطة حتى بلوغ السيطرة على جميع المقدرات السياسية والاجتماعية في بلدانهم والبلدن الأخرى إن سمح لهم المجال للتوسع والإمتداد. هاهو السلاح الذي باعه تجار السلاح الأكراد لداعش قبل أيام يرتد عليهم وعلى صدور الأبرياء من شعبهم وعلى دولتهم وحكومتهم الإقليمية. هل تستطيع حكومة إلإقليم الزعم بأنها لا تعرف شيئا عن تجار السلاح وهم يجلسون تحت قبة البرلمان سواء ببغداد أو أربيل؟ دوما ينقلب السحر على الساحر والقادم أعظم. جميع القادة العرب والأكراد يعرفون هذه الوقائع أكثر مما يعلم بها صحفي عراقي بسيط. ربما..
علي عبد العال