سكة حديثة بقاطرات قديمة

وضعت الولايات المتحدة الأميركية سكة لقطار سياسي يُسمى بالقطار الديمقراطي بالعراق بعد تحطيم النظام الدكتاتوري المتخلف. كانت سكة حديدية معبدة الطريق وحديثة التوجهات، لكنها وضعت العربات القديمة المتخلفة ذاتها لكي تسير على هذه السكة الحديدية المتطورة.

أتت هذه العربات القديمة على السكة الحديدية الجديدة وهي لا تمتلك مقومات الطريق وتنقصها المعرفة بالمطبات الخطيرة التي سوف تواجهها. كانت الحكومة لأميريكية تعرف مدى مقدرة تلك العربات السياسية العراقية على السير، وتعرف جيدا طاقتها للوصول إلى أهدافها الصغيرة. العربات السياسية العراقية الممثلة بقادة عراقيين جدد وأشباه ساسة أمتطوا مقطورات القطار القديمة على سكة حديد متطورة وسريعة الذهاب نحو الهاوية. شعروا بوضاعتهم وقزوميتهم وحصارهم السياسي المباشر وحصارهم الروحي المخنوق شعبيا ووطنيا. بيد أن لا خيار لهم طالما هم ركبوا القطار الأميريكي الجديد بسكته الحديثة، لكن بعربتهم القديمة التي كانت قبل أيام تجرها الحمير والبغال في طرقات بغداد وبقية المدن العراقية حتى الوقت الحاضر.

وضع الأميركان خطة حربية للنيل من صدام حسين شخصيا بقيادة جورج دبليو بوش الأبن، وهو حليفهم وصديقهم وعبدهم المطلق وكانوا ينعتونه بالأحمق والأخرق لأنه ظن لوهلة أنه خارج السيطرة عن رؤسائه الكبار. التاريخ أثبت ذلك بالوثائق المدونة في جميع المحافل العراقية والدولية وفي محافل الأمم المتحدة، وفي الأفلام الوثقائية والسينمائية التي تؤرخ لتلك المرحلة.

الأمر الذي يهمنا كعراقيين في هذا السياق السياسي الدولي الكبير أن الولايات المتحدة الأميريكية وضعت العراق على سكة وهمية من الديمقراطية على غرار الديمقراطية الأميريكية. وضعت معالم هذه السكة الوهمية لكنها أختارت العربات القديمة التي يستقلها الموهومون للوصول للحكم، وكانت تلك العربات القديمة والمهلهلة والخربة الصالحة للسكراب السياسي أكثر منها بقيادة العراق الجديد، فكانت العربات تسير على طريق خطأ لا يقودها سوى نحو الهلاك.

تورط الساسة العراقيون الجدد من الموهومين والمغرر بهم بهذا القطار الأميريكي الكاسح الذي اجتاح وطنهم ودولتهم وراهنوا عليه بما اوتوا من قوى، لكن الذي غفلهم أنهم يسيرون على سكة جديدة بعربات قديمة لا تقودهم إلا للهلاك اجمعين.

قادة متخلفين على سكة حديثة؛ لا يستقيم هذا الأمر لا بالسياسة ولا بالاجتماع ولا بالقانون. تلك هي مهزلة الحكم بالعراق ومن يؤمنون ويعولون على التدخل الخارجي الخليجي والتركي والتحكم بزمام الأمور. لا تعطي أمريكيا السلاح لمن يحاربها، بل تعطيه لمن يدافع عنها. حتى السلاح السياسي الديمقرطي لاتهبه للشعوب المتخلفة مجانا. العراق أكبر من هذه المؤامرات الرخيصة بالرغم من بطشها وشدتها وحقدها. ربما..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة