ما خلّفه مقتل الطفل الزنجي المراهق أبن الثامنة عشرة على يد شرطي أبيض بست رصاصات قاتلة كانت واحدة منها تكفي لإردائه، ما هو إلا تصّرف عنصري خطير وضع، ليس ولاية ميزوري تحت طائلة إحتجاجات العامة من السود والبيض، بل جميع الولايات المتحدة الأميركية وصولا إلى البيت الأبيض الذي هو أيضاً عبّر عن إحتجاجه لهذا العمل المشين من قبل رجال الشرطة بالتعامل مع الناس الإعتياديين من أفراد الشعب. وقال الرئيس أوباما بخطاب عام للشعب الأميريكي ” يجب أن لا يتنّمر رجال الشرطة على المواطنين الأميركيين”.
تلك هي واحدة من حسنات النظام الديمقراطي بالدفاع عن حريات الأفراد بالتظاهر والإحتجاج الشامل على ممارسات رجال الشرطة ممن لهم ميول عنصرية ونيات مسبقة ودفينة. تنشغل الولايات المتحدة الأميريكة الآن عبر أرفع أجهزتها الحكومية بمحاولة التغطية وتلافي مقتل الطفل براون عن طريق العمد. مقتل طفل عن طريق القصد أو الخطأ ربما يؤدي بسقوط أنظمة وحكام ولايات وربما يصل الأمر لإسقاط الحكومة الأميركية ذاتها. هذا ما يجري بأميريكيا الديمقراطية ذاتها. بينما يتم ذبح عشرات، بل مئات الأطفال في غزة وفي العراق وسوريا يومياً بالأسلحة الأميريكية ذاتها. لماذا لا يتظاهر الشعب العراقي لمقتل أبنائه وأطفاله؟ لأن الشعب العراقي يأس من الديمقراطية المعلبة الخارجة عن مفهومه الواقعي. تحّول المفهوم اليمقراطي بالعراق إلى وسائل ذبح وقتل وتصفيات مجانية لمواطنين أبرياء. لم توفر لنا حكوماتنا أي عدالة وأي احترام، فيموت أطفالنا بالمجان. حتى هذه اللحظة قُتل أكثر من خمس مئة طفل في غزة وحدها برجم الصواريخ الإسرائيلية الهمجية. ويتم قتل وذبح الأطفال الأبرياء بالعراق من قبل عصابات داعش الهمجية الإسرائيلية السعودية التركية القطرية يوميا لتجسد إبادة جماعية للعراق وشعبه على مدار الساعة.
التقاليد اليمقراطية كفيلة بتضامن الشعوب ضد اساليب الطغيان بجميع أشكالها وأنواعها المنحطة. ما حدث لأطفال سوريا وما يحدث بالعراق حالياً هو مخطط دولي صهيوني إجرامي محض للقضاء على حياة ورمق كل شريف في هذه المناطق التاريخية العريقة. الحلم الصهيوني بتدمير سوريا التاريخية أسقطه الشعب السوري البطل، وسوف يتكرر هذا المشهد في العراق الذي لا يتقبل أمثال أولئك الأوغاد من المجرمين والمرتزقة وشذّاذ الآفاق من تمرير مشروعهم لتحطيم العراق. الشعب السوري الأصيل والشعب العراقي الأصيل يتفوقان على فلول من المجرمين قطّاع الطرق والقتلة المأجورين. الطريق الديمقراطي هو الطريق الأسلم والأصح لسلوك الناس في أوطانهم العزيزة، وليس طريق القتل المجاني والإجرام وهتك الحرمات والفتك بالمجتمع وأصوله وتاريخه.
علي عبد العال