شخصيات ورموز

  • 2 –
    أشرت في الحلقة السابقة الى ان نظرة الإهمال وعدم اللامبالاة قد سادت العراق وأصبحت جزءاً من ثقافته تجاه الرموز والاحداث الكبيرة التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة او تلك ، وان عدم اللامبالاة باتت الصفة المشتركة التي تجمع المؤسسات الثقافية والفكرية والفنية والأكاديمية ، وكذلك الحكومية ، وليست مجازفة ان عدوى الإهمال قد مست الناس ( بصورة عامة ) وأصبحت كذلك جزءاً من ثقافتها..
    مكمن الخطورة في هذه الثقافة ان طابعها ليس عالمياً او اممياً ، بل يكاد يكون سمة خاصة لبعض البلدان من دون غيرها ، والمؤسف ان العراق هو من هذا البعض ، وقد لفت انتباهي كما لفت انتباه أبناء جيلي الذين ينتمون الى ستينات القرن الماضي ، ان شريحة من الشعب العراقي لايستهان بعددها تنتمي الى العقود الأربعة الأخيرة بصورة عامة ، والى العقدين الأول والثاني من الالفية الثالثة على وجه الخصوص ( تكاد) تجهل جهلاً شبه تام رموز بلادها الى الحد الذي أتجرأ وأقول انها لم تسمع بحضيري أبو عزيز مثلاً او عبد الملك نوري او عبد الجبار عبد الله او فائق حسن او سعد الوتري او وحيدة خليل او كوكب حمزة ..
    ان قراءة متأنية لهذا المشهد يقودنا الى وضع اليد على المسؤولية الكبيرة التي تتحملها المؤسسات الفنية والثقافية والفكرية ، زيادة على مسؤولية الدولة ، في إيصال ( الجماهير) الى هذا القدر من الغفلة والقطيعة بينها وبين رموزها ، بحيث يؤرقنا الاسى لان عدد المواطنين العرب – على سبيل المثال – الذين سمعوا بمصطفى جواد او الدكتور كمال السامرائي او خليل شوقي او جمولي او صديقه الملايه .. او .. يشكلون رقماً مخجلاً ، وحتى ( الأسماء ) التي تعرفوا عيلها مصادفة او عرضاً لايعرفون عنها الا النزر اليسير ، في حين يندر العثور على مواطن عربي يجهل من هو طه حسين او نانسي عجرم او وديع الصافي او دريد لحام او احمد عرابي ..الخ
    السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا ، ويقتضي وقفة مكثفة ، هل مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية تحسن الحديث عن إنجازاتها الإدارية ولاتحسن التعريف بأعلامنا ورموزنا ؟ وهل نحن شعب يجيد مهنة استيراد الادب والعلم والفن والفلسفة والفكر ورجالاته ، ولايجيد مهنة التصدير ؟! الإجابة تقتضي صلة أخرى للحديـث ..
  • حسن العاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة