نازحو تلعفر يروون معاناتهم
متابعة ـ الصباح الجديد:
لم يكن يعلم “وحيد” وعائلته المكونة من زوجته واطفال الخمسة، أن ليلة الـ16 حزيران ستكون آخر ليلة يقضيها في بيته في مدينة تلعفر.
“وحيد” الذي اصبح بيته في تلعفر مقرا لمسلحي داعش، يعيش الآن نازحا في العراء داخل بلده ودرجات الحرارة فوق 50 ولا يملك غرفة تأوي عائلته.
يقول ” وحيد” نازح من مدينة تلعفر إن “اختبائي في سرداب في بيتنا الذي نسكن فيه لم يكن كافيا لحماية اطفالي من القتل على ايادي اولئك الوحوش والقتلة المأجورين”.
ويضيف “كنا في حالة خوف وذعر مما قد يصيبنا في طريقنا، حتى ابنتي الصغرى والتي تبلغ من العمر ثلاث سنوات قالت باللهجة التركمانية (رح نموت بابا)، وبعد الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وبعد اشتداد القصف بين المسلحين من داعش وقوات الجيش العراقي، ووصول اخبار عن دخول المسلحين الى اثنين من احياء المدينة وقتل من يجدونه على الهوية، قررنا الخروج والتوجه نحو قضاء سنجار، بعد ان عرفنا ان محافظات الاقليم لم تعد تستقبل احداً بعد لجوء الالاف من العوائل هناك”.
وحيد يتحدث باكياً “هروبي لم يخلصنا من الموت، حيث طفلتي الرضيعة ماتت بعد يوم من هروبنا بسبب الاوضاع المعيشية ودرجات الحرارة العالية”، لافتا إلى ان “اكثر من 40 عائلة تعيش في مدرسة واحدة مع عدم وجود الحمامات، وانعدام الماء الصالح لشرب”.
وقضاء تلعفر مدينة عراقية يعيش فيه حوالي 400 الف نسمة اغلبهم من التركمان الشيعة بالأضافة الى تركمان سنة، وقد هاجمها مسلحو الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” بعد سقوط الموصل في العاشر من حزيران الماضي.
ابو يعقوب “أب لثلاثة اطفال” نازح من تلعفر، تحدث أنه “في الساعة الثالثة بعد منتصف ليل 16 حزيران (الماضي) وبعد وصول “داعش “الى المدينة والى البوابة الشرقية منها، قررت الهروب من المدينة لحماية اطفالي من الموت المحتوم، حينها لم افكر بشيء سوى سلامة عائلتي”، مردفا “هربنا الى سنجار ونحن الان نسكن في مدرسة مع اكثر مع 40 عائلة في ظروف قاهرة”.
ويضيف ابو يعقوب قائلاً إنه “بعد خروجي من بيتي سمعت ان داعش اخذوا كل ما في بيتي ومن ثم تم تخفخيخه، كما انهم فجروا كل المساجد الخاصة بنا في المدينة”.
ابو يعقوب الذي يبلغ (45 عاما من العمر) ويظهر عليه الوقار، يتحدث وعلى وجهه ملامح الالم والحيرة “لا اعلم ما ذنبنا في أن نشرد هكذا، ان كل ما نريده هو ان نعيش بسلام فقط لا نريد غيره ، درجات الحرارة فوق 50 مئوية ونحن لا نملك ماء نشربه، ولا نملك سقفاً يأؤينا ويحمينا، اننا نعيش مهاجرين داخل بلدنا “.
واستطرد بالقول، إن “هناك البعض من اصدقائنا يعيشون في الشوارع، والبعض الآخر منذ اربعة ايام في شوارع اربيل والحكومة لا تسمح لهم بالمكوث في الفنادق والحجز وتذاكر الطائرات غير متوفرة ولا يستطيعوا الذهاب بالسيارات، وهم الان يعيشون على الارصفة في اربيل”.
ويضيف ابو يعقوب “انا سعيد لأننا احياء، وسوف نشد الرحال الى مدينة النجف في الجنوب”.
ام يعقوب قالت وهي تذرف الدموع، إن “اطفالي يعانون من درجات الحرارة القاسية والتشرد، ابني الاكبر حرم من اداء امتحان السادس العلمي، هربنا وتركنا كل شيء وحتى بيتنا الذي تعبنا في بنائه، هدمه الارهابيون”.
وتقع مدينة تلعفر إلى 72 كم شمال غرب الموصل، استولى عليها المسلحون بعد سقوط مدينة الموصل، وقد نزح من المدينة حوالي 80% من الاهالي الى قضاء سنجار، والبعض الاخر الى كردستان، في حملة وصفت باكبر حملة نزوح جماعية في التاريخ، فيما تعيش الكثير من العائلات بدون مأوى في درجات الحرارة المرتفع.