- 1 –
ربما يتساءل البعض ويقول :
لماذا خالف الامام الحسين (ع) – حين عزم على الخروج من مكة الى العراق في الثامن من ذي الحجة الحرام عام 60 هـ – الطريقة التي انتهجها القادة في تجميع الانصار والاعوان والتي تقوم على اذكاء روح الأمل بالفوز والنصر ؟
اننا نجد في خطاب الامام الحسين (ع) في أصحابه بمكة في ذلك اليوم قوله :
( خُطَّ الموت على ولْد آدم مخطّ القلادة على حيد الفتاة ..)
وقوله :
{من كان باذلاً فينا مهجته ومَوطِنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا..}
لماذا سَدَّ الامام الحسين (ع) أمام أصحابهِ أبواب الفوز ؟
والجواب :
ان المعارك المصيرية التي تخوضها الرسالة مع اعدائها بحاجة الى رجال أشداء لا يبحثون عن المغانم والمكاسب وانما يصدقون في توجههم للمنازلة التاريخية الساخنة لأعداء الله والانسانية، غير مبالين ببذل المهج والارواح دون تلك الاهـداف النبيلـة المقدسـة.
وهذه القيافة القتالية الرسالية لا يملكها الاّ من امتحن الله قلبه للايمان ورزقه اليقين والصبر فضلاً عـن البسالـة والسخـاء فـي العطـاء.
أما الجيش الكثيف العدد الخاوي روحيا وعقائديا فانه سرعان ما ينهزم ويبوء بالهرب أمام أعدائه .
هذا اولاً
أما ثانياً فلقد أراد الامام الحسين (ع) توضيح الصورة والمآل لكل من يريد الالتحاق به، ويوقفه على أنه ذاهبٌ الى معركة حامية الوطيس تتسم بأعلى درجات الضرواة والحقد على معارضي الطغيان والاستبداد الأموي ولا يعرف الاوغاد غير لغة القتل والتنكيل واجتراح المجازر الرهيبة دون هوادة .
ليكون على بصيرة من أجره ..
نعم
- 2 –
ان الامام الحسين (ع) لم يجبر احداً على المشاركة في القتال معه، وانما كان يخطب تبيانا لخطورة الموقف وتوضيحا لاهميته .
وقد حفظ التاريخ لنا أنّ بعض أصحاب الامام الحسين (ع) كان يتمنى ان يُقتل بين يدي الحسين (ع) سبعين مرة ولا يكف عن قتاله لاعداء الله ورسوله واهل بيته .
هكذا كان الابطال المغاوير في ثباتهم بوجه الاعداء ، وفي صدق ايمانهم واخلاصهم .
وحين أَذِنَ لهم الامام الحسين (ع) ليلة عاشوراء بالانصراف – لأنَّ القوم لا يطلبون غيره – لم يتزحزح منهم احدٌ عن اصراره الراسخ على خوض المعركة مع الحسين (ع) حتى الشهادة .
ومن هنا بقيت ثورة الامام الحسين (ع) – بأهدافها ، وبتضحيات رجالها الجسام – الشعلة التي تنير طريق الاحرار للخلاص من كل ألوان الظلم والانحراف ومصادرة الحقـوق والحريـات. - حسين الصدر