إن التطرف يمثل المغالاة وعدم الاعتدال في كل شيء، سواء أكان ذلك التطرف معرفيا أم وجدانيا أو سلوكيا، وهو سلوك مرفوض في ذاته، مصدره جينات وراثية، يتحكم المجتمع في إذكائها أو كبح جماحها، ولعل اخطر أنواع التطرف هو التطرف العقائدي الذي تتصف به التنظيمات الارهابية بشتى تسمياتها بالوقت الحاضر، والتطرف في ذاته اذا ما ظهر إلى حيز الوجود وتجسد بأفعال مادية ملموسة من شأنها المساس بمصلحة محمية او اقترن بالعنف أو القوة أو التهديد، فيعد فعلا مجرما يخضع الى أحكام قانون العقوبات والقوانين الخاصة الأخرى، ما لم يرتكب لغايات إرهابية، إذ يخضع لقانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، بعده جريمة إرهابية، ويقع على عاتق مؤسسات الدولة والمجتمع بمجمله مهمة مواجهة التطرف الإرهابي بأشكاله، للحيلولة دون الإفصاح عنه في الشوارع والأماكن العامة ودوائر الدولة، وذلك من خلال التعبير عنه بالشعارات المتطرفة، لما يتولد من تلك الظاهرة من عنف وتهديد يمثل مقدمة للجريمة الإرهابية، إذا ما كانت تلك الشعارات المتطرفة تطلق لغايات إرهابية من شأنها تهديد المجتمع بأسرة في الصميم، من خلال زعزعة الأمن أو الإخلال به أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الخوف والرعب والفزع بين الناس أو إثارة النعرات الطائفية أو الفوضى وعدم الاستقرار، لتفتيت النسيج الاجتماعي للمجتمع الإنساني، والمساس بالدولة في مقوماتها وأساسها وكيانها ووجودها ومؤسساتها.
وتتم مواجهة خطر التطرف الارهابي من خلال استخدام وسائل الإعلام الرصين في التوجيه والإرشاد، وتفعيل عمل الأجهزة المختصة ولاسيما الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ودعمها بالكوادر الكفوءة والمكنات الضرورية للقيام بواجباتهم في المتابعة والضبط بالتنسيق مع الجهات القضائية المختصة، للحيلولة دون وقوع التطرف الإرهابي وكبح جماحه، في محاولة لمواجهة الجريمة الإرهابية والوقاية منها، تحقيق لمبدأ الوقاية خير من العلاج.
القاضي حيدر علي نوري