شباب الاقليم يبحثون في المجهول عن مستقبل أفضل
السليمانية – عباس كاريزي:
في حين لم يشهد اقليم كردستان مظاهر احتفالية واقامة التجمعات والاحتفالات الحزبية بمناسبة الذكرى السنوية لانتفاضة شعب كردستان، في الذكرى السنوية ال 39، ما زالت شريحة واسعة من الشباب تواجه مصيراً مجهولاً في ظل ارتفاع مستويات البطالة وانعدام فرص العمل، ما يدفع بهم الى اختيار طريق الهجرة لعلهم يجدون في اوروبا ظالتهم.
وبينما تمر علينا هذه الايام ذكرى الانتفاضة الشعبية لشعب كردستان عام 1991 ضد نظام البعث في العراق، يعيش المواطنون في الاقليم ظروفا معيشية ومعاشية صعبة جراء الازمات السياسية والاقتصادية وتوتر العلاقة مجددا بين بغداد واربيل، واتخاذ حكومة الاقليم اجراءات صحية للحد من انتشار فايروس كورونا، ما اسهم بنحو كبير في ارتفاع مستويات البطالة وخصوصا بين شريحة الشباب وخريجي الجامعات والدراسات العليا.
الصباح الجديد وخلال تجولها في سوق السراي بمحافظة السليمانية التقت الشاب اودير ناصح وهو خريج جامعي، امتهن بيع السكائر في السوق، بعد ان فقد الامل بايجاد فرصة عمل تنسجم مع تحصيله الدراسي.
سألناه عن مستوى تحصيله الدراسي فقال،» انا خريج قسم التاريخ في جامعة السليمانية وبعد ان يئست من الحصول على عمل مناسب بعد مرور اكثر من اربع سنوات على تخرجي قررت، ان اتوجه الى سوق العمل في المحافظة، ولم اجد سوى مهنة بيع السكائر لكي اتمكن من الحصول على ما اسد به رمق عائلتي.
واضاف وهو يحمل صندوقاً صغيراً مملوءاً بعلب السكائر مربوطا برقبته يجوب به سوق السراي لبيع السكائر، ان القرار الذي اصدرته تركيا بفتح الحدود اما المهاجرين للتوجه الى اوروبا اسهم بنحو كبير في تشجيع الشباب للحصول على الفيزا والتوجه الى تركيا ومنها الى احدى دول الاتحاد الاوروبي.
اوضح ان حكومة الاقليم برغم مرور 28 عاما على الانتفاضة وحكم الكرد لانفسهم فشلت في تأمين ولو جزء يسير من الاهداف التي انتفض على اثرها شعب كردستان من اجلها ضد الدكتاتورية، وان الاوضاع الاقتصادية في الاقليم الان مزرية وانعكست سلبا على حياة المواطنين.
واشار الى ان عشرات الشباب من اقرانه يتركون الاقليم يومياً في مسعى منهم لايجاد حياة افضل وهو يتجهون الى مصير مجهول هرباً من البطالة والفقر وتدني مستويات المعيشة في الاقليم.
رئيس مؤسسة القمة لشؤون اللاجئين والنازحين اري جلال، اعلن في تصريح للصباح الجديد، عن وجود قرابة 400 الى 500 الف مواطن من كردستان العراق في تركيا بانتظار فرصة للخروج ولتوجه الى احد الدول الاوروبية.
واشار جلال الى ان اغلاق الحدود التركية مع العراق ادى الى انخفاض كبير في نسبة المهاجرين من اقليم كردستان الى اوروبا ، مشيرا الى ان فتح الحدود التركية امام المهاجرين ورقة سياسية تستعملها تركيا للضغط على الاتحاد الاوربي.
واشار جلال الى، ان 53 الف و 240 شخصا هاجروا من العراق باتجاه الدول الاوروبية عام 2019 المنصرم، لقي 9 اشخاص من هؤلاء مصرعهم غرقا بينما ما يزال مصير 15 منهم مجولاً.
واكد استمرار مسلسل الهجرة بين الشباب للعام الحالي 2020، لحد الان لقي 9 اشخاص مصرعهم بينما ما زال مصير 15 اخرين مجهولاً.
بدوره عزا استاذ علم الاجتماع في جامعة السليمانية احمد سعيد في تصريح للصباح الجديد ارتفاع مستويات الهجرة من اقليم كردستان الى عوامل اقتصادية وسياسية، فضلاً عن عدم مبالاة الحكومة، فيما دعا الى مواجهة هذه الظاهرة بمحاربة المسببات.
واوضح سعيد ان شريحة الشباب تلجأ الى تفضيل خيار الهجرة من الوطن، نتيجة المعاناة من ظروف قاسية والحرمان من الوظائف، وانحسار حصولهم على فرص للعمل، وفقدان الاستقرار النفسي والمستقبل المجهول، فضلاً عن الغلاء وتردي الخدمات في الكثير من المجالات وخاصة المناطق النائية، من صحة ونقل وتعليم وماء وكهرباء وبطالة وفساد، مبيناً ان جميع هذه الامور انفة الذكر هي ابرز العوامل التي دفعت نسبة كبيرة من الشبان للهجرة الى بلدان العالم و خاصة الى اوروبا.
واضاف، ان ظاهرة الهجرة من اقليم كردستان الى المجهول، وخاصة بين شريحة الشباب تمثل قضية شائكة وخطيرة، وتحديأ من التحديات ليس فقط في الاقليم وانما بالعراق باكمله.
ولفت الى ان تنامي الشعور بعدم المساواة وفقدان الاجتماعية يعد احد اهم الاسباب التي تدفع الى هجرة، واردف ،» قسم كبير من الشباب يرون بان الحكومة لا تنصفهم وتقتل الانتماء الوطني لديهم، فضلاً عن التفرقة و التمييز بينم، ما يدفعهم الى التفكير في الهجرة، والبحث عن مستقبل افضل في المهجر.»
وقال، «ان اهم ما يجب فعله للتصدي لهذه الظاهرة هي مكافحة الفساد الاداري والسياسي، وفسح المجال امام فئة الشابة للمشاركة الفعالة في العملية السياسية، وتوفير فرص العمل و الاستفادة من طاقاتهم في شتى المجالات.»