في ظلال الشعر والشعراء

-1-
قال أحد الشعراء :
أُطالعُ كلَّ ديوانٍ أَراهُ
ولم أَزْجُرْ عن التضمين طَيْري
أُضمّنُ كلَّ بيتٍ فيه معنى
فَشِعْري نصفهُ مِنْ شعر غيري
ما أحلى الاعتراف بما يصنعه الشاعر مع ما يقرأ من الشعر ..، انه يسارع الى تضمين المعاني الواردة في أشعار غيره ويصوغها في شعره ويعترفُ قائلاً :
انّ نصف شعرِهِ هو مِنْ شِعر غيرِهِ ..
وما أحوجنا الى هذه النبرة الصادقة ليس في ميدان الشعر فحسب بل في كل الميادين .
-2-
قالوا :
راى (ابن عُنَيْن ) الشاعر فخرَ الدين الراوي في مجلس وعظِهِ واذا بحمامة أقبلت وخلفها صقر ، فما كان من الحمامة الاّ ان ألقْت بنفسها في حِجْرِهِ فقال :
جاءتْ سليمانَ الزمان حمامةٌ
والموتُ يلمعُ مِنْ جناحيْ خاطفِ
من نَبَأ الورقاءَ أنَّ محلَكُمْ
حَرمٌ وأنّك ملجأٌ للخائفِ ؟
والبيتان يشهدان لابن عُنيْن بسرعة البديهة، والقدرة على الارتجال، وبراعة التصوير .
-3-
في حزيران عام 2001 كتبنا تخاطب الرئيس الاندونسي (واحد ) وقد تشبث بكرسي الرئاسة بالرغم من أنه كان يُقاد لضعفٍ يشكوه في بصره.
اذا كان ( واحدُ ) أعمىً يُقادْ
فكيف يقودُ زمام البلادْ ؟
وحبُّ الرئاسة إمّا طغى
أماتَ الضميرَ وأردى السدادْ
أرادُوهُ رمزَ صلاحٍ وخيرٍ
فسار مُغذاً بدربِ الفسادْ
ومُذْ نقموا منه أفعالَهُ
تَوّلاهُمُ برهيبِ العنادْ
وما أشبه الليلة بالبارحة، ففي (العراق الجديد) من الصعب أنْ نحصي عدد المتشبثين بمواقعهم ومناصبهم بالرغم من فشلهم الذريع .
-4-
وقال الشاعر :
يقولون انّ الملح يُصلح فاسداً
فما حيلتي يا قوم إنْ فَسَدَ المِلْحُ ؟
وقال آخر :
بالملحِ نصلحُ ما نخشى تغيّرَهُ
فكيف بالملح إنْ حلّتْ به الغِيَرُ ؟
والسؤال الآن :
أترى الملح قد فسد ؟!
-5-
قال الشاعر :
ملأى السنابل تنحني بتواضِعٍ
والفارغاتُ رؤوسهنَ شوامِخُ
وقد بُلينا بِزُمَرٍ من أشباه الرجال لا تعرف الاّ الاستعلاء على الآخرين ، كما أنها لا تُحسن الاّ فنّ الاستقواء بغيرها على حساب الضعفاء ..!!
-6-
همستُ في اذنه بكلمات لم أُرِدْ منها الاّ إبعادَه عن مواطن التهمة، والمساءلة الصعبة ، فأعرضَ وكان إعراضُه غريباً فقلتُ :
لم يُعر سَمْعَه لِنُصحٍ وأبدى
مِنْ فنونِ الإعراض فصلاً غريباً
فتساءلتُ حينما ضَيَّعَ الرشدَ
لماذا أضحى عنيداً مُريبا ؟
أقول :
ان الكثير من مشكلاتنا الراهنة ليس لها من سبب الاّ العناد والمكابرة والاصرار على الخطأ دونما تراجع عنه …
-7-
ومما قيل من الشعر في بغداد قول أحدهم :
سقياً ( لبغداد) لا أرى بَلَدَا
يسكنُه الساكنونَ يُشبِهُها
أمنٌ وخصبٌ ولا كبهجتها
أرغدُ أرضٍ عيشاً وأرفهُها
هكذا كانت بغداد والمأمول ان تعود الى ما كانت عليه …

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة