أعلنت جائزة ثيربانتس (نوبل الآداب الإسبانية) فوز الشاعر الكتالوني المرموق جوان مارجريت بها لهذا العام. وهي بالطبع جائزة مستحقة لمشروعه الشعري الطويل والمؤثر والفارق.
وتلقت الجرائد الخبر بكثير من الارتياح والترحيب، لكن السياسة تلقي بظلالها في هذه الأجواء المأزومة، إذ أن مارجريت من الأصوات البارزة التي تعترف بالهوية المزدوجة: الكتالونية والإسبانية معاً، وهو الخطاب الذي تتبناه الدولة الإسبانية، كما يتبناه المناهضون للانفصال، فيما يعد خطاباً معادياً للانفصاليين الذين يرون في أنفسهم أبناء هوية واحدة هي الهوية الكتالونية. وليس مارجريت هو الكتالوني الوحيد في الفوز بهذه الجائزة، إنما الخامس، حيث سبقه إليها خوان جويتيسولو وإدواردو مندوثا وآنا ماريا ماتوتي وخوان مارسيه، لكنه الوحيد الذي حقق إنجازاً في اللغة الكتالونية يعادل إنجازه في اللغة الإسبانية، على عكس الباقين الذين كانت الإسبانية هي لغة منجزهم.
التفت جوان مارجريت لتوقيت منح الجائزة، وللسياق السياسي لهذا التوقيت، لذلك كانت كلمته المرتجلة عند إعلان فوزه تدور حول نفس سؤال الهوية، وتركّز في اللغة، باعتبارها إحدى أبرز علامات الهوية. وتأكيد الشاعر الكتالوني أنه ابن لغتين، واحدة هي لغة البيت والشارع، والثانية تعلمها في المدرسة وطورها باعتبارها اللغة الرسمية للدولة الإسبانية، يشير إلى الوحدة في لحظة المطالبة بالانفصال. لقد انصهرت اللغتان فيه، وكانتا قادرتين على التعبير عنه، رغم أن بداياته كانت باللغة الكتالونية. مارجريت اعتبر نفسه منذ البداية ابناً لثقافتين، وكان محظوظاً أن استطاع التعبير بهما، خاصةً أن النوع الأدبي الذي اختاره هو الشعر، الفن الذي يلتصق كثيراً بالوجدان، ويصعب استيراد لغة ليست الأم للتعبير من خلالها.
حياة ومسيرة
ولد جوان مارجريت بليدا عام 1938، في عز الحرب الأهلية. عمل كمهندس معماري وبدأ مبكراً في كتابة الشعر. شهرته كشاعر باللغة الإسبانية انطلقت في عام 1963 بديوان «أغانٍ من أجل كورال رجل وحيد»، بمقدمة كاميلو خوسيه ثيلا ورسومات جوزيب سوبيرشس. وفي عام 1980 نشر ديوانه بالكتالونية «ظل الرجل الآخر». والعام الماضي نشر سيرة شبابه بعنوان «لتملك بيتاً يجب أن تربح الحرب»، بالكتالونية والإسبانية. تتسم مسيرة جوان بأنها مزدوجة اللغة، كشاعر وباحث وناثر. جمع كل أشعاره في كتاب سماه «كل القصائد»، ونشرت باللغتين. من بعض أشهر دواوينه «محطة فرنسا» (1999)، «جوانا» (2002)، «حساب البُنيات» (2005)، «بيت الرحمة» (2007)، «الحب هو أين» (2015) و»شتاء مذهل» (2017).
قالت لجنة التحكيم في حيثيات الفوز إنها تقدر «التجاوز العميق واللغة المبصرة المجددة على الدوام» التي استطاع الفائز «أن يثري بها كلاً من اللغة الإسبانية والكتالونية… ما يمثل التنوع الثقافي لشبه الجزيرة الآيبيرية في بعد عالمي».