ظل أزمة سيولة كبيرة وشح في الدولار
متابعة ـ الصباح الجديد :
خرج اللبنانيون امس الإثنين مجدداً إلى الشارع لليوم السادس والعشرين على التوالي من حراكهم غير المسبوق ضد الطبقة السياسية، مستبقين جلسة برلمانية تشريعية اليومً، يثير ما تم تسريبه من جدول أعمالها انتقادات واسعة.
وعقد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امس الاثنين مؤتمراً صحافياً، يأتي في ظل أزمة سيولة كبيرة وشح في الدولار وبعد تحديد المصارف سقفاً للمبالغ التي يمكن سحبها وتقييد عمليات التحويل من الليرة اللبنانية الى الدولار، ما أثار حالة هلع لدى المودعين والتجار الذين يدفعون للموردين بالدولار.
وبدأ مئات المتظاهرين صباح الإثنين التجمّع في مناطق عدة في البلاد، بينهم عدد كبير من الطلاب الذين نفذوا وقفات احتجاجية خصوصاً في منطقة الكسليك شمال بيروت وفي مدينة عاليه شرقها، مطالبين برحيل الطبقة السياسية مجتمعة.
وفي بيروت، بات عشرات المتظاهرين ليلتهم في خيم نصبوها أمام مؤسسة كهرباء لبنان، القطاع الذي يشكل أبرز مكامن الهدر وكلف خزينة الدولة العام الماضي 1,8 مليار دولار، وفق وزارة المالية. وتجمع المئات ليلاً وهم يقرعون الطناجر أمام المؤسسة مرددين «ثورة ثورة».
ويشهد لبنان تظاهرات غير مسبوقة منذ 17 تشرين الأول ، شارك فيها مئات آلاف اللبنانيين الناقمين على الطبقة السياسية. ويشكو هؤلاء من الفساد المستشري وسوء الخدمات العامة وترهل البنى التحتية وفشل الحكومات المتعاقبة في حل الأزمات الاقتصادية.
وتسببت التظاهرات بشلل في البلاد وأغلقت المصارف أبوابها لأسبوعين. وبعد إعادة فتحها الأسبوع الماضي تبين أن أزمة السيولة التي بدأت قبل التحرك الشعبي وكانت من أسباب نقمة اللبنانيين، باتت أكثر حدّة. وتقفل المصارف أبوابها منذ السبت لمناسبة عيد المولد النبوي الشريف.
وتسببت أزمة السيولة بموجة هلع. وتهافت عدد كبير من اللبنانيين على المتاجر للتمون، في وقت حذّرت محطات الوقود من انتهاء مخزون البنزين لديها.
وتجمع عشرات المتظاهرين ليلاً أمام منزل حاكم مصرف لبنان قرب بيروت، وهم يقرعون على الطناجر ويرددون هتافات بينها «كلن يعني كلن سلامة واحد منن». ويعقد البرلمان جلسة تشريعية اليوم الثلاثاء، يطالب المتظاهرون أن تكون علنية ومنقولة على الهواء. ولم يتم الاعلان عن جدول أعمالها إلا أن النائب ياسين جابر، عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرئسها رئيس البرلمان، رئيس حركة أمل نبيه بري، تقدم باقتراح قانون معجل مكرر يتعلّق بمنح العفو العام عن عدد من الجرائم المرتكبة. وأثار هذا الاقتراح انتقادات من ناشطين ومجموعات حقوقية، رأت فيه التفافاً على مطالب المتظاهرين بالاصلاح، ومحاولة لتحقيق مكاسب سياسية واستمالة فئات معينة تستفيد منه، خصوصاً في طرابلس شمالاً حيث مئات الموقوفين الاسلاميين، وفي منطقة البقاع، حيث آلاف المطلوبين بتهم زراعة الحشيشة وترويج المخدرات وتعاطيها.
وبحسب المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، يشمل العفو «جرائم استغلال النفوذ والوظيفة والإهمال وتبديد الأموال العامة والجرائم البيئية».
وقال الطالب الجامعي محمد بنات (23 عاماً) لفرانس برس من وسط بيروت «نؤيد العفو عن الأبرياء المظلومين ، ولكن ضد العفو العام عمن يحمي الفساد ويلتف على مصالح الشعب».
وتحت ضغط الشارع، قدّم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالة حكومته في 29 تشرين الأول ، من دون أن يبادر الرئيس اللبناني ميشال عون حتى اللحظة إلى تحديد موعد لبدء الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة، بينما تجري اتصالات في الكواليس من أجل التوافق على صيغة الحكومة المقبلة، التي يطالب غالبية المتظاهرين أن تضم وجوهاً جديدة من الاختصاصيين والمستقلين عن أحزاب السلطة.