الروائي عبد الرحمن الربيعي: أنا صنيعة اصدقائي ..
حاورته: وداد ابراهيم
الروائي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي، عاد الى بغداد مؤخرا بعد ان غادرها في التسعينات من القرن الماضي الى تونس، قدم خلال تجربته الادبية خمسين كتابا، مجموعات قصصية ازدحمت بالشخصيات التي عاشت معه، وعادت في (الوكر)، و(الوشم)، و(سر الماء)، و(وجوه من رحلة التعب)، وغيرها من إعماله الأدبية، دخلنا الى عالم أساتذته، وأصدقائه، كيف عاش معهم؟ وما مدى تأثره بهم؟ في حوار خص به صحيفة الصباح الجديد فقال:
نحن صنيعة الاصدقاء
نحن صنيعة أصدقائنا، لأننا نتأثر بالعالم الذي نعيش فيه، وبتوجهات الاصدقاء، مقهى التجار في الناصرية كان المكان الذي التقي به مع اهم أصدقائي، كان التجار يجلسون في زاوية يعقدون صفقات، ويتحدثون عن التجارة، وكنا نجلس انا، واصدقائي في زاوية اخرى، كل واحد مع كتبه، ولم يكن أحد منهم تاجرا بيننا المعلم، والموظف، والشاعر والرسام. وهم
(عزيز عبد الصاحب، واحمد الباقري، وحسن الهلالي، والمطرب حسين نعمة، وفائق حسين)، هؤلاء كانوا يشكلون عالمي، واستمد عوالمهم في الكثير من كتاباتي القصصية، وشخصياتهم واضحة في كتبي، انا لا اقفز، ولا امر بأي صديق عاش معي، وكأن لم نعش سويا، ولم نحلم مع بعض، وانما اعيش معهم، ويعيشون فيّ، وحين أسترجعهم اكتب عنهم في تلك الحميمية، وبذلك الوعي. كنا ننتمي الى بعضنا، ونجد أنفسنا في بعضنا، كنا مغرمين في الشعر، والرسم، والغناء، وكنا نغرم بأغاني عبد الحليم حافظ، وكان (احمد الباقري) يمتلك صوت جميل فيغني لنا اغاني عبد الحليم على شاطئ الفرات فننسى أنفسنا، اذ يضع أحدنا يده على كتف الاخر، ونمشي، ونغني على (اد الشوك الي في عيونك) اما (حسين نعمة) في تلك الفترة كان يغني لنا اغاني فهد بلان، وهو يمتلك أجمل صوت في العراق. الراحل (عزيز عبد الصاحب) يغني اغاني مطرب في الناصرية اسمه (خضير مفطورة). لذلك كان الناس في الناصرية يقولون علينا: ماذا يفعل هؤلاء؟ هل هم مجانين؟ وكنا نسهر في بيت أحدنا لنستمع الى حفلة ام كلثوم الشهرية، عالم أصدقاء كان عبارة عن تكوين فني هذا هو عالمي لم يكن لي عالم بديل، هو تكوين فني مطعم بالغناء، والرسم، وكتابة الشعر، كتبت قصة عن مجموعة شخصيات هم بالحقيقة أصدقائي أعدها للتلفزيون المرحوم يوسف العاني، لكنها لم تقدم.
كل الشخصيات في رواية (الوكر) حقيقية مستمدة من عالم الاصدقاء، لطفي الخياط، وخالد الراوي اهم اصدقائي، وابطال قصصي، وكانوا يقدمون البديل في المدينة.
اما عن أساتذته فقال الربيعي:
أساتذتي في المرحلة الابتدائية كان اغلبهم خريجين مدارس دينية يجيدون اللغة العربية، ولديهم معرفة بالأدب العربي اذكر أجوائهم بشكل جلي، واهم الشخصيات التي اثرت في حياتي هو الاستاذ (على الشبيبي)، شقيقه قائد شيوعي أعدم في ذلك الوقت كان تأثيره كبير علي بتوجيهي نحو الادب، وهو اكتشف موهبتي في الكتابة، كان ينصحني بالقراءة، وأعطاني مجموعة كتب (طه حسين) و(المنفلوطي)، وانا في الابتدائية كان التعليم متقدم، والأساتذة ينتبهون لطلبتهم ويؤشروا على كل طالب ما هو اهتمامه؟ والى اين يجب ان يذهب؟، كان المعلم يمتلك ذكاء قراءة طلبته، لذا أتذكر ان مدرس الرسم الاستاذ (شنون) في الناصرية انتبه الى اني موهوب في الرسم، وتأثرت بمعلمي الأستاذ (علي عبد المطالب) والذي اصبح مدير المكتبة الوطنية في الناصرية، وفي كل مرحلة هناك أساتذة أتأثر بهم مثلا في المتوسطة، وفي معهد الفنون، وفي الحياة تأثرت بشخصية نجيب محفوظ لأني التقيت به في القاهرة، واقتربت منه، فكان أستاذي في الحياة.