خلال تظاهرة جديدة تطالب الرئيس المصري بالرحيل
متابعة ـ الصباح الجديد:
اندلعت اشتباكات ليل امس الاول السبت في السويس بشمال شرق مصر بين قوات الأمن ومئات المتظاهرين الذين طالبوا برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحسب شهود عيان.
وللّيلة الثانية على التوالي، خرج متظاهرون مناهضون للحكومة إلى الشوارع في وسط السويس ليجدوا أنفسهم في مواجهة العديد من عناصر شرطة مكافحة الشغب وانتشار العربات المدرّعة.
وقال متظاهر يبلغ من العمر 26 عامًا لوكالة فرانس برس «كان هناك نحو 200 شخص». وأضاف طالبًا عدم كشف هوّيته أنّ قوات الأمن «أطلقت الغاز المسيل للدموع ورصاصا مطاطيا وذخيرة حية. هناك جرحى».
من جهتها، تحدّثت إحدى سكّان السويس لفرانس برس عن سحابة من الغاز المسيل للدموع كانت شاسعةً إلى درجة أنّها وصلت إلى المبنى الذي تقطنه والواقع على بُعد بضعة كيلومترات من مكان التظاهرة.
وأكّد مصدر أمني وجود عشرات المتظاهرين في السويس، لكنّه لم يُقدّم أيّ تفاصيل بشأن ردّ فعل السلطات.
وفي وقت متأخّر من امس الاول السبت، أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر بيانًا دعت فيه مراسلي وسائل الإعلام الدوليّة إلى عدم «تجاوز الحقيقة» في تغطيتهم الإخباريّة، لكن من دون أن تأتي بشكلٍ مباشر على ذكر الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وكانت قوّات الأمن المصريّة قد انتشرت امس الاول السّبت على أطراف ميدان التحرير وسط القاهرة، غداة تظاهرات نادرة تُطالب برحيل السيسي، في تحدٍّ لمنع التظاهر ضدّ السلطة.
ونزل مئات الأشخاص إلى الشوارع الجمعة الماضية مردّدين شعار «إرحل يا سيسي»، قبل أن تُفرّقهم قوّات الأمن التي أوقفت كذلك العشرات، بحسب صحافيّين في فرانس برس.
وخرجت تظاهرات الجمعة تلبيةً لدعوات أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي تطلب إقصاء السيسي، خصوصًا من قبل محمّد علي رجل الأعمال المصري المقيم في الخارج.
وتخضع التظاهرات في مصر لقيود شديدة بموجب قانون صدر في تشرين الثاني 2013 بعد إطاحة الجيش، الذي كان يقودهُ حينها السيسي، الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي. كما فرضت حال الطوارئ منذ 2017 وما زالت مطبقة.
وتشنّ السلطات حملة واسعة على المعارضين، وسجنت آلاف الإسلاميين إلى جانب ناشطين علمانيين ومدونين يتمتعون بشعبية.
وقالت مصادر أمنية لوكالة فرانس برس إنّ 74 شخصًا على الأقلّ اعتُقلوا ليل الجمعة-السبت الماضية بينما كانت دوريّات لعناصر الشرطة بلباس مدني تجوب الشوارع في وسط العاصمة المصريّة.
غاز مسيل للدموع
وتناقل آلاف على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديو لتظاهرات جرت في عدد من المدن الجمعة، بينها حشود كبيرة عطّلت حركة السَير في الاسكندرية والمحلة ودمياط في دلتا النيل والسويس.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع في ميدان التحرير مركز ثورة 2011 التي أطاحت الرئيس حسني مبارك.
ونُشرت السّبت أكثر من 20 آليّة لقوّات الأمن على مشارف ميدان التحرير، وتمّ تفتيش كلّ شخص كان هناك، بحسب صحافي من فرانس برس.
وحضّت منظّمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات على «حماية الحقّ في التظاهر السلمي» والإفراج عن الموقوفين.
وقال المحلّل السياسي من القاهرة نائل شما لفرانس برس «هذه المرّة الأولى منذ سنوات التي ينزل فيها الناس إلى الشوارع»، معتبراً أنها «لن تكون الأخيرة».
وأوضح «لم يُناد أحد بـالخبز، الحرّية، العدالة الاجتماعيّة، كما في عام 2011»، مشيراً إلى أنّ المتظاهرين طالبوا منذ الدقيقة الأولى برحيل الرئيس.
ولم يُدل مكتب الرئيس بأيّ تعليق على الاحتجاجات، ردًا على سؤال لفرانس برس السبت. وتوجّه السيسي الجمعة إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الأسبوع المقبل.
وعلى فيسبوك، نشر مقاول البناء محمّد علي الذي دعا الى التظاهر، فيديو طالب فيه المصريّين بتنظيم تظاهرة «مليونيّة الجمعة المقبلة في الميادين العامّة».
«تظاهرة مليونية»
وقال «فوجئتُ مثلكم بنزول إخواني وأخواتي إلى الشارع»، متحدّثًا عن «ثورة شعب» وعن تنظيم الصفوف، وداعيًا إلى البحث في مرحلة ما بعد السيسي.
وهو كان قد نشر تسجيلات فيديو من إسبانيا حيث يعيش، انتشرت منذ مطلع أيلول وتتّهم السيسي والعسكريّين بالفساد.
ووجّه السيسي في 14 أيلول ، خلال مؤتمر للشّباب، تحذيراً إلى الأشخاص الذين يُريدون التظاهر ضدّ السلطة.
ونفى الرئيس المصري أيضاً الاتّهامات بالفساد التي وجّهها المقاول إليه وإلى الجيش، مؤكّدًا أنّه «شريف وأمين ومخلص».
وأكّد أنّ الاتّهامات التي وجّهها محمّد علي «كذب وافتراء»، بدون أن يذكر اسم المقاول. وقال «ابنكم (السيسي) إن شاء الله شريف وأمين ومخلص».
ورغم عدم وجود رقم موثوق به حول الحجم الحقيقي لدور الجيش في الاقتصاد المصري، إلا أنّه يتدخّل في إنتاج سلع متنوّعة وكذلك في بناء طرقات.
وأكّد المتحدّث باسم الجيش مطلع أيلول في حديث تلفزيوني، أنّ القوات المسلّحة تُشرف على أكثر من 2300 مشروع وطني يوظف نحو 5 ملايين مدني.
وانتقد مقدّم البرامج عمرو أديب الذي يُعتبر مقرباً من النظام بشدّة محمّد علي الجمعة، داعياً المصريين إلى الاعتناء ببلدهم الذي يُريد الإخوان المسلمون «تدميره». وفي مؤتمر الشباب امس الاول السبت، حذّر السيسي من مخاطر الاحتجاج، وهو موقف يُكرّره باستمرار، مشيرًا إلى الأمن والاستقرار خلال حكمه خلافًا للأوضاع في دول عدّة في المنطقة مثل العراق وليبيا وسوريا. وفرضت حكومة السيسي إجراءات تقشّفية صارمة في 2016 في إطار قروض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ما أدّى إلى تزايد الاستياء بسبب ارتفاع الأسعار.
ويعيش حوالى واحد من كلّ ثلاثة مصريين تحت خط الفقر بأقلّ من 1,40 دولار يوميًا، بحسب أرقام رسميّة نشرت في تموز الماضي