المقهى الثقافي العراقي في لندن يناقش ” الحرب والسلم”

لندن – ابتسام يوسف الطاهر:
اقام المقهى الثقافي العراقي في لندن أمسية، تميزت موضوعا واعدادا واخراجا من السينمائي علي رفيق، وحديث ممتع عن الرواية والسينما للروائي لؤي عبد الاله، والمخرج قاسم عبد.
قدم ضيفي الأمسية الفنان فيصل لعيبي لتبيان وجهات نظرهما في السينما والرواية، واختيار رواية الحرب والسلم لتولستوي أنموذجا.
افتتحت الامسية بتقديم فيلم قصير عن فقيد الثقافة الشاعر ابراهيم الخياط وهو يتحدث عن دور الكاتب من اجل الناس. وقرأ الفنان لعيبي كلمة المقهى في رثاء الشاعر الخياط، الذي رحل إثر حادث سيارة مروع، “ينعى المقهى الثقافي العراقي في لندن فقيد الثقافة والوطن الشاعر والصحفي والسياسي ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين. خسارتنا لا تعوض، لكن العراق الذي أنجب الفقيد سينجب من يكمل مسيرته”.
وقال المخرج قاسم عبد في حديثه عن الرواية والسينما: الرواية تكتب للقراءة، في حين ان الفيلم للمشاهدة عبر السرد البصري للفيلم. والرواية تقدم لقارئ واحد ويكتبها كاتب واحد، اما الفيلم فيقدم لجمهور واسع ويشارك بإعداده فريق، ويعتمد على الصور وحركة الكاميرا.
وتابع: الرواية تقدم المزاج من خلال الوصف، اما السينما فتعالجه من خلال الضوء وحركة الشخص، او تعتمد على اظهار الجو مشرقا او ممطرا، ومن خلال الألوان، كما فعل المخرج كيراساوا الذي استعمل اللون كعنصر مهم لبناء الدراما في الفيلم، كذلك الموسيقى تعتمدها السينما لتعبر عن حالة البطل ومشاعره، فصفحات السرد في الرواية قد تختصرها السينما بلقطات خلال دقائق، كما سنرى في لقطة انتظار ناتاشا بطلة الحرب والسلام، ليطلبها البطل للرقص وحركة عينيها القلقتين. فتولستوري يقول ان العين هي مرآة الروح. وهناك افلام نجحت في نقل روح الرواية، وروايات فقدت روحها في الفيلم.
ثم شرع الكاتب لؤي لتقديم محاضرته بشأن رواية “الحرب والسلم” وكيف عولجت سينمائيا من المخرج الروسي بندارتشوك، وهوليوود. استعرض بدايات الرواية وتطورها البطيء خلال القرن التاسع عشر الذي نضجت فيه من خلال الحبكة واستعمال الارث الثقافي والفلسفي، وقال “هل هناك مستقبل للرواية بعد نضج السينما خلال زمن قصير؟ هذا السؤال دفعني للتحقق وللمقارنة بين عملين سينمائيين للرواية نفسها التي كتبها تولستوي في القرن التاسع عشر.
وتابع: هناك بحث هائل لاستيعاب فكرة التاريخ، والحروب النابوليونية التي عاشتها القارة الاوروبية، فبعد مرور خمسين عاما على دخول نابليون الى روسيا القيصرية التفت تولستوي للوراء، مستقصيا ذلك الحدث الهائل الذي ادى الى قتل مئات الالاف من الناس. فأعاد صياغة الحدث روائيا من خلال حياة ثلاث عائلات ارستقراطية. كتبها خلال أربعة أعوام، الاهتمام بالتاريخ بوصفه بعدا جديدا للوجود الانساني، امتياز خاص بتولستوي.
واضاف: في رواية الحرب والسلم يسعى تولستوي الى كشف علاقة الانسان بالتاريخ وقد تبنى هذه المسألة كثيمة اساسية في عمله، ليستنتج ان “التاريخ، حياة القطيع اللاشعورية للجنس البشري” وشخصيات تولستوي تتغير دائما وهذا التغيير يحدث على مستويين، التحولات الداخلية الناجمة عن علاقاتها بالعالم الخارجي، ثم تأتي المصادفات الصغيرة التي تغير الشخص بنحو مفاجئ.
وفي الختام يطرح تولستوي تساؤلا يساعد على فهم الإطار الفكري لبناء روايته، كيف يلعب قانونا حرية الارادة والحتمية في صياغة رؤيتنا لخياراتنا الشخصية ولخيارات الاخرين؟
وعن الاختلاف بين الرواية والفيلم قال ان الزمن في الرواية يمثل الماضي، في حين السرد السينمائي يمثل الحاضر. الفيلم يحتاج الى موسيقى تصويرية لتحقيق التصعيد الدرامي كما هو الحال في الالوان وانعاكسات الضوء، اضافة الى المونتاج والاكسسوارات التي تسهم في التأثير النفسي والعاطفي على المتلقي. تقول فيرجينيا وولف “ما تستطيع الكلمات ان تقوله في الرواية، يجب عدم تكراره في السينما”.
تخلل الامسية عرض للقطات من فيلم الحرب والسلم الروسي، والنسخة الأميركية، ومقارنة بعض اللقطات التي اعطاها المخرج الروسي ابعاد وروح الرواية، ورؤية تولستوي، في حين ركز الفيلم الاميركي على الاثارة والمرور سريعا على المشاهد في الرواية، كما في مشهد الرقص بين ناتاشا والامير اندريه، اضافة الى لقطات من مشاهد الحرب التي اثرت على الامير اندريه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة