من الطبيعي إن وجود منظومة تشريعية هائلة، تضم بين جنبيها مئات القوانين والقرارات، يؤدي حتما الى وجود أما تعارض بين قانون وآخر أو السماح للأفراد بالنفاذ أو الالتفاف على قانون ما بالارتكاز على قانون ثان وهذا قد يحدث وبكثرة، لعدة أسباب منها إن المشرع العراقي وعلى مدى تاريخ التشريع منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في بداية عشرينيات القرن المنصرم، لم يأت بأشخاص مختصين بالقانون أو بالتشريع ا وان هؤلاء المشرعين يتعرضون الى سطوة السلطة السياسية التي تجبرهم على سن القوانين التي تلائم سياستها. السبب الآخر هو القضاء الذي يغفل أحيانا ويسمح لاستغلال النص القانوني للوصول الى غايات شخصية او تهربا من التزام قانوني معين. وبرغم إن السبب الأول قد يحل عبر القاعدة التي تقول: القانون الخاص يقيد العام. ولكن المشكلة إن القاضي لا يأخذ بالخاص أو إن قناعته قد لا تنصرف الى الغاية التي يريدها القانون لكنه يقول لك: ميّز! في قانون الأحوال الشخصية، ثمة عقوبة مالية تفرض على الزوج الذي يترك زوجته من دون نفقة أو معيل عندما تخرج من بيت الزوجية الى بيت أهلها، وهذه على نوعين: أما نفقة ماضية أو مستمرة. يمكن للزوجة أن ترفع بها دعوى الى محكمة الأحوال الشخصية التي سوف تجيب طلبها بمجرد إثبات عدم الإنفاق. هذه المسألة ترهق الكثير من الأزواج الذين لديهم مشكلات مستعصية مع زوجاتهم ويتأسفون على سلب جزء من أموالهم رغما عنهم وإعطائها الى الزوجة فكان عليهم التفكير بطريقة تمكنهم من الإفلات من هذه العقوبة، فكان القانون ذاته هو وسيلتهم الأنجع للتنفيذ. المادة 23 من قانون الأحوال الشخصية قد أوجبت نفقة على الزوج. وكما قلنا ستأخذ المحكمة على وفق ما جاء بعريضة الدعوى، وستفرح الزوجة كونها ستجد منفذا ماليا يمكنها من مواجهة أعباء الحياة، لكنها وبمجرد الدخول الى دائرة التنفيذ، ستتبدد الفرحة، فهي تأخذ قرارها الى قبره! لكن في حالة كون الزوج موظفا أو صاحب دخل ثابت فإن هذا سيخفف من المعاناة كثيرا، فهي ستطلب من الدائرة إرسال كتاب الى دائرته مطالبة إياها بحجز جزء من الراتب بما لا يتجاوز الخمس على وفق ما جاء بالمادة81 من قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980. هذه النسبة تستقطع من صافي الراتب، فإذا كان الزوج مدينا لأمر آخر ويستقطع من راتبه فان نسبة الخمس ستكون على ما تبقى من الراتب لا على الراتب المثقل بحقوق أخرى. لذلك فكّر زوجٌ قبل أن تترك زوجته دار الزوجية بأنها ستقيم حتما دعوى نفقة ضده، لذلك قرر أن يقطع عليها نصف الطريق، وكان القانون هو وسيلته لتحقيق ذلك و بمساعدة محامية( شاطرة) ، تمهد له طريق الالتفاف على القانون. هذه الطريقة تتلخص بأن يقوم والد الزوج برفع دعوى ضد ولده لمطالبته بالإنفاق عليه بموجب المادة61 من القانون التي تقول: يجب على الولد الموسر كبيرا كان أو صغيرا نفقة والديه الفقيرين ولو كانا قادرين على الكسب ما لم يظهر الأب إصراره على اختيار البطالة.
سلام مكي
نفقة الأصول والالتفاف على القانون
التعليقات مغلقة