قراءة في قانون الأحزاب السياسية رقم ٣٦ لسنة ٢٠١٥

(2-2)
وجدان حسين المعموري

الرشد القانوني وفيه يتولى الانسان تمشية أموره وإدارة مصالحه الشخصية، إشكاليتنا جُلَّها في عمر من يحق له تقديم طلب التأسيس لِيرأسَ حزبا أو تنظيما سياسيا(٢٥سنة)،نعتقد انه عمر لا يؤهل الانسان ليكون قائدا سياسيا، بما متيسر لديه من وسائل متواضعة، في الوقت ذاته الذي سيكون به هذا النص (عمر٢٥سنه)،سببا لامتلاء الساحة السياسية بأحزاب كثيره، تتشابه أجنداتها وبرامجها، وبالتالي تتوزعُ أصواتها الانتخابية تاركة البلد يغرق في صراعات كتل برلمانيه صغيرة لا تقوى على اتخاذ أي قرار برلماني بسبب كثرتها وشبه استحالة توافقها، منع القانون(م١٠ف٦) أعضاء هيئة النزاهة عموما من الانتماء للأحزاب والتنظيمات السياسية وكان يتوجب أن يكون النص واضحا، بمنع محققيها فقط ، فمن يقرأ النص يتبادر لذهنهِ شمول العناوين الوظيفية الأخرى بالمنع(كاتب، محاسب ،مدقق، سائق، حارس….إلى آخره)وكما جاء في نص المادة(١٧ف١٠)من قانون هيئة النزاهة رقم(٣٠لسنة٢٠١١)عندما تحدثت عن المشمولين بتقارير كشف الذمة المالية، فحددت محققي النزاهةً من دون تلك العناوين التي لا تمّاس لها مع الإجراءات القضائية الداخلة في البحث والتقصي عن جرائم الاختصاص الجنائي للهيئة، ولم يتوسع القانون في مفهوم(أعضاء السلطة القضائية)هل بضمنهم كتاب الضبط القضائي البدائي، أم لا، ولا نعلم عن سبب عدم المنع لمنفذي دوائر تنفيذ الأحكام القضائية، والكتاب العدول، فهم يمارسون دورا نعتقده أكثر خطورة من دور منتسبي هيئة النزاهة ومحققيها الذي لا يختلف ابدآ عن دور مراكز الشرطة في الاختصاص الجنائي لغير جرائم الوظيفة العامة، فالعناوين آنفة الذكر، تسهر مع القضاء، على إدارة ملفات الحماية البدائية الاستئنافية المتعلقة بتعويضات الأضرار في أموال الدولة، المادة(١١ف١)اشترطت أن لا يقل عدد أعضاء الحزب طالب التسجيل عن(٢٠٠٠)عضو مع مراعاة التمثيل النسوي، وحسنا تركت النص من دون تحديد نسبة العضوية النسوية، فاشتراك المرأة هنا له علاقة وثقى بالتشكيلة الاجتماعية المدنية وأعرافها التي قد لا تسمح للمرأة بالانضمام للحزب أو التنظيم السياسي، ولكن ماذا لو لم يتمكن أي من الأحزاب اللبرالية المدنية من الحصول على نسبة الانضمام النسوي في مدن كانت أغلقت لتيارات متشددة هذا من باب، من باب آخر، كان الأصح عمليا أن يتم تسجيل الحزب أو التنظيم السياسي تسجيلا ابتدائيا ويعلن عن ذلك ابتدائيا، ويٌؤذَن له بالترويج لبرنامجه السياسي ليتمكن من جمع العدد المطلوب حينها سيكون العدد نوعيا وليس مجرد رقم ،وكجزء من إجراءات التسجيل،،ولا مسوغا لجعل رسم التسجيل مبالغا به الى هذا الحد(٢٥٠٠٠٠٠٠)دينار فمبلغ كهذا سيشكل عبئا على ميزانية الأحزاب العريقة ونظيفة اليد في الوقت ذاته الذي يبدو فيه متاحا لآخرين، المادة(١٣ف١) أفادت بالبت في طلب التأسيس من قبل دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية خلال مدة(١٥)يوما من موعد النظر بالطلب وبخلافه يعتبر الطلب مقبولا، وعبارة (من موعد النظر بالطلب)جاءت من دون وضوح ومن دون تحديدٍ للحدود الزمنية، بوجوب النظر ومن ثم البت ،الفقرة(٢)من المادة ذاته لم تحدد المفوضية العليا بفترة زمنيه ملزمه للمصادقة من عدمها، في الوقت ذاته الذي أوجب َفيه القانون النشر في جريدتين (محليتين ) وكان يتوجب النشر في جريدتين(وطنيتين)،لنتجاوز المناطقية المقيتة، المادة(١٤)وقعت في خطاِّ شكلي عندما عدت الطعن أثرا لقرار دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية القبول أو الرفض، وليس لقرار مجلس المفوضين والنشر، المادة (١٦ف١)عدت الحزب قائما من تاريخ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا وفي ذلك حيف كبير لطالبي التأسيس الحاصلين على قبول دائرة الأحزاب لطلبات تأسيسهم في حال الطعن به من غير طالبي التأسيس والأعضاء، إذ كان يتوجب عده قائما من تأريخ قبول طلب التأسيس وموافقة دائرة الأحزاب، حيث الحصول على الشخصية القانونية المعنوية يكون بأثر رجعي لعلاقة ذلك بالكثير من الحقوق التي تُكتَسب ابتداء من ذلك التأريخ، كما هو الحال في حقه مثلا في الاشتراك في الانتخابات والتسجيل ككيان سياسي، فقد تُسَوِف المحكمة الاتحادية إجراءاتها لحرمان كيان سياسي معين من تسجيل اسمه كما حصل في تسويفها للكثير من الدعاوى، وليس آخرها الدعوى المرقمة(١٢/اتحادية/٢٠١٠)والتي سبق أن أقامها الأستاذان مفيد الجزائري وعمر علي حسين والتي طالبا بها المحكمة الاتحادية العليا بالحكم بعدم دستورية النص الوارد ضمن المادة(١٣ف٥) من قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (٣٦لسنة٢٠٠٨ المعدل) حيث لم تصدر المحكمة الاتحادية قرارها الا بتأريخ ١٤ حزيران ٢٠١٠ في حين انها صادقت على نتائج الانتخابات بتأريخ١٠ حزيران٢٠١٠، في الوقت ذاته الذي اعتبرت به، قرارها هذا موقوفا، وفي نص محترف نقف له بتقدير عال، أعطت المادة(١٨) الشخصية المعنوية والقانونية للحزب أو التنظيم السياسي، ليتمكنوا من البيع والشراء وتملك المنقولات والعقارات كما رسمته المادة(٣٤)من القانون، والتمثُل أمام القضاء بوصفه شخصا معنويا وفر له القانون كامل الحماية القانونية، له حقوق وعليه واجبات، وأن مقراته مصونة ولا يجوز تفتيشها ،وكذلك الحال وثائقه ومراسلاته، كما لا يجوز التلصص أو التنصت عليها، الا بقرار قضائي، وترتب للحزب أو التنظيم السياسي الحق في استخدام وتأسيس مؤسسات إعلاميه لتدعيم آرائه والترويج لها، المادة(٢٥)جاءت بممنوعات العمل الحزبي، بدءا من حظر الارتباط بأجندات فكرية خارجية، تسعى لإدارة شؤون البلاد بموجب مصالح غير عراقية، وهو نص ولد ميتا في الوقت الحاضر القريب، لأن غالبية الكيانات السياسية تمول وتدار من الخارج، برغم أن المادة(٣٣) من القانون مدار البحث ،قد حددت ورسمت مصادر تمويل الحزب أو التنظيم السياسي(اشتراكات، تبرعات، منح داخليه، استثمارات، إعانات حكومية)،وأن المادة(٤٩ف٢)قد عاقبت المخالف بالسجن مدة لا تقل عن (٦)سنوات ولا تزيد على(١٠)سنوات ومصادرة الأموال المتحصلة من هذه الجريمة، برغم كل ذلك ،إلا ان الأحزاب ستتحايل وتلتف على النص القانوني، لأنها اعتادت أن تعطي هي لتابعيها وتقدم هي لهم الميزات ليستمروا في السير معها، ذلك، لهشاشة برامجها وانعدام عمقها الفكري والتاريخي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة