شهب

رادوفان إيفسيتش
ترجمها عن الفرنسية بهاء إيعالي

(1)
مظلمةٌ، إنّها في الفراغ، تستيقظ إصبعها، تتردّد، ثمّ تصبح سمكة. يضيء جسدُها. إنّه الضباب، قالت لنفسها.
(2)
ثقيلةٌ، إنّها داخل الزوبعة محض جرح، صراخٌ يفتحُ فمه لكن أصابع قدميه فراشاتٌ تطيرُ بعيداً. إنّه البرق، قالت لنفسها.
(3)
حمراء، إنّها مشدوهة: ليست القشور التي تغطي جسدها بل الشفاه الصغيرة غير المعدودة. تلفّ نفسها بشرشفٍ أبيض. إنّه الثلج، قالت لنفسها.
(4)
مرتعدة، تتقدّم نحو الهوّة متى أرادت الهرب، ليست هوّة، بل النسر الذي يندفع نحو الطرف العاري من صدرها. تضحك. إنّه السراب، قالت لنفسها.
(5)
متمدّنة، تملكُ سرّ فتح الأقفاص. تنزل في المترو رفقة النمر الأول. عما قريبٍ سيكونون في الصحراء، تنطفئ المصابيح لكن في الظلام ستضاء عينان خضراوتان. إنّه الخسوف، قالت لنفسها.
(6)
لاهثة، وصلت قمّة الجرف الأعلى. فجأة، خلف صخرة تلمح عيناً ثمّ أخرى: آلاف العيون الطامعة مثبّتة عليها. بعجلةٍ تبدأ بخلع ثيابها، عارية في النهاية تتقدّم نحو المنحدر العشبي الحاد، تنزلُ نحو السهل صانعةً عجلة. إنّها الزوبعة، قالت لنفسها.
(7)
ليليّة، في المستنقع تكتشف النجوم، آثار أقدام ظبي وأخيراً نبع. يختبئ ابن عرسٍ فارٍّ تحت إبطها. إنّه المذنّب، قالت لنفسها.
(8)
غيورةٌ، تبصرُ ظهر غريبٍ لوحظَ في المرآة. تحت الوسادة تأخذ فأساً وتلقيها نحو السطح البارد لتحطيم عمقها الخادع. يستدير الغريب ويحدّق بها لرؤية صورتها الجديدة. ربّما. لا. إنّه الزلزال، قالت لنفسها


رادوفان إيفسيتش: شاعرٌ وكاتبٌ مسرحي سوريالي كرواتي ولد في زغرب عام 1921 وتوفي في باريس عام 2009.
أبرز مؤلفاته: نرسيس (1942)، إيريا (1960)، البئر في البرج- حطام الأحلام (1967)، مافينا (1972)، حول أو في (1974)، أسود بأسود (2003).
هذه النصوص مكتوبة باللغة الفرنسية، فالشاعر يكتب باللغتين الكرواتية والفرنسية، والأخيرة كتب بها بحكم إقامته في فرنسا شأنه شأن إميل سيوران. وهي مأخوذة من أنطولوجيا شعرية تضم إضافةً إليه العديد من الشعراء الفرنسيين السورياليين حتى أواسط الستينيات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة