هذا السؤال غالبا ما يطرحه البعض في الندوات التي تعقد على هامش المهرجانات السينمائية، او حتى في اللقاءات العابرة مع بعض الاصدقاء غير السينمائيين، البعض يستعجل الاجابة، مؤكدا وجود السينما العراقية، بدليل العدد الكبير من الافلام السينمائية القصيرة التي تنتج والتي وصل عددها الى أكثر من 300 فلم، على كذلك بعض الافلام الروائية الطويلة، مثل افلام بغداد عاصمة الثقافة، او الافلام الاربعة التي اخرجها محمد الدراجي.
البعض الأخر يؤكد عدم وجودها بسبب غياب صالات العرض التي كانت منتشرة في بغداد وباقي المحافظات، ولا يعتبر الافلام القصيرة التي تعرض في المهرجانات السينمائية دليل على وجود سينما عراقية، رابطا اجابته بالمكان الذي كان يذهب اليه لمشاهدة الافلام السينمائية العربية والعالمية، وغياب طقس المشاهدة الذي تعود عليه.
لكن ماذا يعني وجود سينما، عراقية كانت ام عربية او عالمية؟
عندما نقول سينما عراقية فهذا يعني توفر كل مفاصل الصنعة السينمائية، والتي تتمثل بجهات انتاج تستثمر في هذا الفن، وهذا الانتاج لا يستمر الا بوجود شباك تذاكر يحقق ارباحا لجهة الانتاج، فالسينما صناعة وفن، تخضع لحسابات السوق ودلالة شباك التذاكر، كذلك توفر بنى تحتية لها كالاستوديوهات الضخمة وأحدث الاجهزة السينمائية، من كاميرات متطورة واجهزة مونتاج وصوت وانارة وغيرها.
لكل سينما عربية كانت ام عالمية بصمتها الخاصة بها، هذه البصمة متأتية من تراكم الانتاج المستمر، المرتبط بالبيئة الحاضنة لهذه السينما أو تلك، فالكل يميز بسهولة بين الفلم الالماني والفلم الفرنسي، كذلك بين الفلم الامريكي والفلم الانكليزي حتى لو كانت لغة هذه الافلام واحدة اي اللغة الانكليزية، إذن كم نحتاج لصنع بصة خاصة بالسينما العراقية؟
ربما تكون سينما هوليوود هي الوحيدة المتفردة ولا تخضع لهذا الامر، باعتبارها سينما أممية، من خلال استقطابها للنجوم من كل انحاء العالم، سواء كان هؤلاء النجوم ممثلين او مخرجين او غيرهم ممن يشتركون بصناعة الفلم السينمائي.
لو أخذنا السينما العربية، نجد ان السينما المصرية هي الوحيدة التي تمتلك شروط الصناعة السينما، من حيث الانتاج، وشباك التذاكر، توفر دور العرض، ووجود العديد من النجوم، باقي السينمات العربية، تنتج افلاما جيدة ومهمة، لكن ليس بمستوى السينما المصرية، التي من خلالها أصبح كل العرب يفهمون اللهجة المصرية، ومن خلالها على روايات نجيب محفوظ، احسان عبد القدوس، ويوسف السباعي وغيرهم، من الذين حولت رواياتهم الى افلام مهمة، مثل ثلاثية نجيب محفوظ، بين قصير، السكرية، قصر الشوق.
اذن نحن نتوفر على انتاج سينمائي بسيط، لكن القول بوجود سينما عراقية متكاملة يجانب الحقيقة الى حد ما، ونأمل جميعا بأن تكون لدينا سينما عراقية فاعلة تتوفر على شروط السينما، انتاجا وبنى تحتية متكاملة، يمكن ان تنافس في المحافل السينمائية الدولية.
كاظم مرشد السلوم